نهاية الأفكار - تقرير بحث آقا ضياء ، للبروجردي - ج ١ - الصفحة ١٥٢
وبين الأوصاف الجارية على الواجب سبحانه، فكما انه في الأوصاف الجارية على غيره سبحانه تجري المحتملات المتصورة الأربعة في التركب الانحلالي والبساطة، كذلك تجري في الأوصاف الجارية عليه سبحانه كالعالم والقادر والحي، إذ لا وجه لتخصيص النزاع المزبور بالأوصاف الجارية على الممكن إلا ملاحظة عدم تصور المغايرة في الواجب بين الذات والوصف نظرا إلى رجوع جميع الصفات الثبوتية الكمالية إلى ذاته تعالى وكون علمه سبحانه عين ذاته وذاته المقدسة عين قدرته إرادته وهكذا بلا ان يكون فيه سبحانه حيث وحيث، فإنه من أجل ملاحظة هذه الجهة ربما يتوهم تعين القول الرابع بالنسبة إلى الأوصاف الجارية عليه سبحانه، بل و لعل مثل هذه الجهة أيضا ألجأ أهل المعقول في مصيرهم إلى بساطة المشتق مطلقا وجعلهم إياه عبارة عن صرف المبدأ المقابل للذات. و لكنه توهم فاسد إذ نقول بأنه في الواجب سبحانه وان لم يكن حيثية دون حيثية ولا مغايرة بين علمه وقدرته وإرادته وذاته فكان هو سبحانه بحتا بسيطا من جميع الجهات وكان علمه عين ذاته وذاته عين قدرته وإرادته لرجوع جميع الكمالات إلى ذاته ووجوده، و لكن نقول بان عقول الممكنات طرا لما كانت قاصرة عن الإحاطة بذلك الواحد الاحد ولم تدرك منه سبحانه الا بقدر قابليتها و استعدادها فلا جرم إذا كان هم عقول الممكن جهة دون جهة وقصر النظر على علمه أو قدرته أو حياته أو إرادته سبحانه يصير مدركه لا محالة محدودا في نظره بحيث ينتزع من حد ما أدركه حيثية الذات تارة، والعلم أخرى، وحيثية الإرادة والقدرة ثالثة، وهكذا، من دون ان يكون تلك الحيثيات الانتزاعية الناشئة من جهة قصور النظر راجعة إليه سبحانه. وحينئذ فإذا كانت تلك المغايرة والحيثيات ناشئة من جهة قصور درك عقول الممكن لذلك الواحد الاحد، فلا جرم المحتملات الأربعة المزبورة تجري في الأوصاف الجارية عليه سبحانه من كونه موضوعا للمبدأ مع الذات والتلبس بأجمعها كما هو قضية القول بالتركب الانحلالي أو موضوعا للمبدأ والنسبة، أو لنفس المبدأ فقط. كما أن المصحح للحمل فيها أيضا هو المغايرة المزبورة ذهنا الناشئة من جهة قصور درك العقل إذ لا يحتاج في صحة الحمل إلى أزيد من المغايرة بين المفهومين من وجه واتحادهما خارجا. نعم غاية ما هناك هو كون الاتحاد بالنسبة إلى الأوصاف الجارية عليه سبحانه عينيا وبالنسبة إلى الأوصاف الجارية على غيره سبحانه أينيا فتدبر.
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»