مصدره وجعلهم المصدر من كل باب أصلا ومبدأ لسائر الصيغ استحساني محض، وإلا ففي الحقيقة ما هو المبدأ والأصل في جميع الهيئات من كل باب لا يكون لا المعنى المحفوظ الساري في ضمن الجميع، وعليه فألف إكرام مثلا لا يكون جز للمادة بل وانما هي مقوم للهيئة نظير الف ضارب وميم مقتول ومضروب.
كلما ان توهم ان الهيئة الطارية على المادة في نحو المؤلم والمقيم هيئتان طوليتان دالة إحداهما على الايجاد والاخرى على القيام بالذات، مدفوع بأنه من المستحيل، لكونه أشبه شئ بطرو الصورتين على مادة واحدة في زمان واحد، وبطلان هذا المعنى واضح لا يحتاج إلى البيان.
وحينئذ فلا محيص الا من الالتزام بأحد الامرين المزبورين اما الالتزام باختلاف الهيئات أو رفع اليد عما ذكرناه من دلالة الهيئة على قيام المبدأ بالذات والاكتفاء في هيئات المشتقات بمطلق القيام بالذات ولولا بذات المجرى عليه، وفي مثله ربما كان المتعين هو الأول فنلتزم باختلاف الهيئات في المشتقات باختلاف الأبواب الثلاثي والمزيد ولكنه لا بنحو التباين بل بنحو القلة والكثرة فكان هيئة اسم الفاعل في أبواب الثلاثي المجرد مثلا تدل على قيام المبدأ وتزداد في مثل باب الافعال فتدل هيئة اسم الفاعل فيها على قيام إيجاد المبدأ بالذات المجرى عليها، وكذا في باب الانفعال والافتعال فتدل الهيئة على قيام القبول والتطوع بالذات، وقد تزيد أيضا فتدل على قيام المضاعفة كما في باب التفعيل، وهكذا فتدبر.
دفع وهم:
قد يقال بعدم دلالة المشتق على النسبة التي هي معنى حرفي نظرا إلى اقتضائه حينئذ تضمن المعنى الحرفي فيلزمه لا محالة كونه مبنيا لا معربا، بل ومن هذه الجهة أنكر دلالة سائر الصيغ على النسبة الناقصة حتى المصدر أيضا. ولكنه مدفوع حيث نقول بان ما دل على النسبة الناقصة انما هي الهيئة القائمة بالمادة العارية عن النسبة وانه لا يكاد يقتضى مجرد ذلك بناء الاسم إذ الأسماء المبنية هي التي وضعت بوضع واحد لما اشتمل على النسبة وأين ذلك والمقام الذي كان الدال على النسبة نفس الهيئة كيف وان لازم هذا المعنى هو إلغاء الهيئة عن الوضع المستقل رأسا والمصير إلى كون وضع المشتقات من قبيل وضع الجوامد وهو كما ترى.
الأمر الرابع:
لا يخفى عليك انه لا يعتبر في صدق المشتق وجريه على الذات تلبس