الناطق خارجا لان المركب من الخارجين كما يكون خارجا ولا يكون فصلا ومقوما للانسان كذلك المركب من الخارج والداخل، فهو أيضا يكون خارجا ولا يكون فصلا ومقوما للانسان، مع لزومه أيضا دخول العرض في النوع بنفس دخوله في الفصل وهو الناطق، و هو واضح. واما على الثاني (وهو ان يكون المأخوذ فيه مصداق الذات والشيئية الخاصة) فمن جهة لزومه محذور انقلاب القضايا الممكنة في مثل الانسان ضاحك ضرورية، لان مصداق الذات حينئذ لا يكون الا الانسان وثبوته لنفسه ضروري، بل ولزومه أيضا دخول النوع في الفصل في مثل الناطق. هذا ملخص ما أفيد من البرهان على بساطة المشتق وعدم تركبه.
ولكن لا يخفى عليك ان هذا البرهان لو تم فإنما هو على احتمال تركب المشتق من حيث المفهوم فإنه على هذا الاحتمال ربما يرد عليه هذا المحاذير: من لزوم دخول العرض في الفصل والنوع تارة ولزوم انقلاب القضايا الممكنة ضرورية أخرى، ولكنك قد عرفت مفروغية بساطة مفهوم المشتق وحقيقته باصطلاح أهل المعاني والبيان عند الجميع وانه لا يكون مفهوم العالم والضارب ونحوهما الا معنى بسيطا، وان ما هو محل البحث والنزاع بينهم من حيث التركب والبساطة انما هو حقيقة المشتق بما هو مصطلح أهل المعقول بأنه علاوة عن بساطة أصل المفهوم هل هو بسيط أيضا بحسب الحقيقة عند الحكيم ومنشأ انتزاع هذا المفهوم؟ أم لا؟ بل هو بحسب الحقيقة مركب بحيث في مقام الانحلال ينحل إلى جهة مبدأ وذات، كما في الانسان فإنه مع بساطة أصل مفهومه مركب بحسب الحقيقة عند التحليل، ومن المعلوم بداهة انه على ذلك لو قلنا فيه بالتركيب من المبدأ والذات والنسبة لا يترتب عليه شئ من المحاذير من جهة ان القول بذلك لا يقتضى دخول مفهوم الذات ولا مصداقه في طرف المفهوم. ثم على فرض الإغماض عن ذلك والبناء على جريان هذا الترديد في حقيقة المشتق وما هو منشأ انتزاع مفهومه نقول: بان ما أفيد من الاشكال من محذور دخول العرض العام في الفصل في فرض كون المأخوذ هو مفهوم الذات انما يرد بناء على إرادة القائل بالتركب دخول مفهوم الذات بما هي هذا المفهوم من دون كونها عبرة ومرآة إلى ما هو المعروض الحقيقي وإلا فبناء على إرادة دخولها بما هي مرآة إجمالية لما هو المعروض الحقيقي الذي وتارة يكون جوهرا وأخرى عرضا وثالثة جسما في قولك النامي ورابعة حيوانا كما في الماشي وخامسة إنسانا وسادسة غير ذلك