إلى حد يكون ظن بعدم وجود التكليف، وكان احتمال التكليف في كل واحد موهوما، ولازمه الظن بالعدم في كل واحد من الأطراف، كما إن قلة الأطراف، توجب كون وجود التكليف قويا، أي ليس المايز بين المحصورية وغيرها، إلا قلة الأطراف وكثرتها، أي لا يكون حرجيا، ولا خارجا عن الابتلاء، فإذا كان كل الأطراف محلا للابتلاء، مثل النقطة في البيت إذا كانت نجسة، فبالتكرار تكون محلا للابتلاء، أي بالصلاة في كل طرف منه، حتى يستوعب تمام الأمكنة من البيت، فيكون قادرا على العصيان، ويكون أيضا قادرا للامتثال بترك كلها، مع إن المناط في الشبهة الغير المحصورة موجود هنا، فإن نسبة النقطة إلى تمام البيت، ليست إلا كنسبة الواحد إلى الألوف، فكثرة الأطراف لا توجب كونها حرجيا، كالمثال المذكور، ثم إنه لو شك في المحصور وغيره، فيلحق بالمحصور، لعدم إحراز جعل بدل في البين، فيؤثر العلم أثره لا محالة.
الثاني: لو اضطر إلى ارتكاب بعض الأطراف، فتارة يكون إلى طرف معين بالخصوص، وأخرى إلى غير معين، وعلى كلا التقديرين، فتارة يكون الاضطرار قبل العلم، وأخرى يكون بعده، فإن كان الاضطرار حين حدوث العلم، وكان بطرف معين بخصوصه، فهو مانع عن تنجز العلم، لاحتمال كون المضطر إليه، هو مورد التكليف، فتقصر العلم الاجمالي بالخطاب الواقعي، عن بلوغه مرتبة الفعلية، نعم لو كان الاضطرار بسوء الاختيار، فلا يبعد القول بعدم مانعيته عن بلوغ العلم مرتبة الفعلية، وإن كان الاضطرار إلى المعين، بعد حدوث العلم، فلا يسقط العلم عن التنجز بمثل هذا الاضطرار، وأما الاضطرار إلى غير المعين، سواء كان قبل حدوث العلم، أو بعده، فلا إشكال في منعه عن الموافقة القطعية، وأما منعه عن المخالفة كذلك، ففيه إشكال، بل منع، وقد مر فيه دليل الانسداد، ما ينفع المقام فتذكر.
الثالث: من شرائط منجزية العلم الاجمالي، بقاء الخطاب على فعليته في كل واحد من الأطراف، مستجمعا للشرائط العقلية، فلو حصل مانع عن الفعلية قبل حصول العلم، فلا يصلح مثل هذا العلم للتنجز، نعم لو كان المانع بعد حصول العلم، فلا يمنع عن فعليته على التفصيل الذي مر آنفا، والمانع تارة تلف أحد الأطراف قبل العلم،