وقال هذا السيد الكبير، والامام المصلح بالشهادة في سبيل المذهب والاصلاح بين المسلمين، في سجن السلطان سليم العثماني، فإنه بعد ما وقعت الثورة الطاحنة، في سنة 920 ه، بين السلطان شاه إسماعيل الصفوي، والسلطان سليم، في المحل المعروف ب (جالدران)، من نواحي تبريز - تلك الوقعة المشهورة، والكارثة المفجعة، والحرب الفظيعة - نهض هذا السيد الكبير (1) مجازفا بروحه واضعا نفسه الشريفة في كفه، مجاهدا في سبيل الدين، ومحاميا عن حريمه، ومجاهرا بكلمته الحقة، صادعا بها لما يرى من واجبه النصح لملوك الأمة والاشفاق على المسلمين، فرحل إلى قسطنطينية، بإيعاز من الشاه إسماعيل في الظاهر، وبانبعاث من الايمان والحمية الدينية، في نفسه في الباطن، ورحل معه جمع من العلماء والامراء. فرحل مرتديا بالوقار والسكينة، ومتوشحا بالهيبة والجلالة، فحظى بالاقبال والاجلال العظيم، من السلطان سليم، وكان محط نظره، قبل هذه الرحلة أيضا، كما ينبئ عن ذلك منشوره الذي كتبه في الثاني من رجب سنة 920 ه عند بعثه أحمد باشا واليا إلى تبريز، بعد وقعة (جالدران)، انظر إلى كتاب (منشآت السلاطين) ج 1 ص 391، المطبوع بإسلامبول.
فموقف سيدنا هذا، سجله التاريخ بكل إكبار واعجاب، تقديرا لمواقفه العظيمة