درر الفوائد - الشيخ عبد الكريم الحائري - ج ١ - الصفحة ٨٥
يقتضى إرادة الطرف الباقي تحت القدرة معينا وهذا واضح فلو فرض ان صب الماء على الوجه مثلا يترتب عليه التصرف في المحل المغصوب قطعا بحيث لا يقدر بعد الصب على إيجاد المانع أو رفع المحل عن تحت الماء فحرمة الغصب ووجوب تركه تقتضي حرمة صب الماء على الوجه عينا وعلى هذا بنى سيد أساتيذنا الميرزا الشيرازي قدره في حكمه ببطلان الوضوء وان لم يكن المصب منحصرا في المغصوب إذا كانت الطهارة بحيث يترتب عليها التصرف فلا يرد عليه قده ان صب الماء ليس علة تامة للغصب حتى يحرم بحرمته بل هو من المقدمات وما هو كذلك لا يجب تركه شخصا حتى ينافي الوجوب وحاصل الجواب ان صب الماء وان لم يكن علة الا انه بعد انحصار المقدمات المقدورة فيه كما هو المفروض يجب تركه عينا فان قلت ليس المقدور منحصرا في الصب بل الكون في المكان المخصوص أيضا من المقدمات وهو باق تحت قدرة المكلف فلم يثبت حرمة صب الماء عينا قلت ليس الكون المذكور من مقدمات تحقق الغصب في عرض صب الماء بل هو مقدمة لتحقق الصب الخاص الذي هو مقدمة لتحقق الغصب والنهي عن الشيء يقتضى النهي عن أحد الأفعال التي هي بمجموعها علة لذلك الشيء فإذا انحصر المقدور من هذه الأفعال في واحد يقتضى حرمته عينا هذا وإذ قد عرفت ان حرمة مقدمات الحرام انما تكون على سبيل التخيير بمعنى ان الواجب ترك إحدى المقدمات منها يتبين لك انه إذا اقتضت جهة من الخارج وجوب إحدى تلك المقدمات عينا فلا يزاحمه الحرمة التخييرية التي جاءت من قبل النهي لأن الأول ليس له بدل بخلاف الثاني فلا وجه لرفع اليد عن أحدا لغرضين الفعليين إذا أمكن الجمع بينهما فاللازم بحكم العقل
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»