درر الفوائد - الشيخ عبد الكريم الحائري - ج ١ - الصفحة ١٥٩
لأن العناوين المنتزعة لا تنتزع الا من صرف الوجود من دون ملاحظة الخصوصيات مثلا مفهوم ضارب ينتزع من ملاحظة حقيقة وجود الإنسان واتصافه بحقيقة وجود المبدأ من دون دخل لخصوصيات افراد الإنسان أو كيفيات الضرب في ذلك إذا عرفت هذا فنقول مفهوم الغصب ينتزع من حقيقة التصرف في ملك الغير من دون مدخلية لخصوصيات المتصرف من كونه من الأفعال الصلاتية أو غيرها في ذلك ومفهوم الصلاة ينتزع من الحركات والأقوال الخاصة مع ملاحظة اتصافها ببعض الشرائط من دون مدخلية خصوصية وقوعها في محل خاص وقد عرفت مما قررنا سابقا قابلية ورود الأمر والنهي على الحقيقتين المتعددتين بملاحظة الوجود الذهني المتحدتين بملاحظة الوجود الخارجي وهنا نقول ان المفاهيم الانتزاعية وان كان حقيقة البعث أو الزجر المتعلق بها ظاهرا راجعا إلى ما يكون منشأ لانتزاعها لكن لما كان فيما نحن فيه منشأ انتزاع الصلاة والغصب متعددا لا بأس بورود الأمر والنهي وتعلقهما بما هو منشأ لانتزاعهما هذا غاية الكلام (1) في المقام وعليك بالتأمل التام فإنه من مزال الإقدام وينبغي التنبيه على أمور

(1) ان قلت: ما ذكرت في تقريب الجواز في اجتماع إرادة الأمر وكراهته آت بعينه في جانب الفاعل فما سر ما نشاهده من ان الفاعل مع ذلك لا يتمشى منه الحركة سمت ما كان متحدا مع المبغوض من افراد محبوبه بل ينصرف إرادته قهرا نحو سائر لافراد فقضية المقايسة بين إرادتي الأمر والفاعل ان نقول هنا أيضا بانصراف إرادة الأمر نحو سائر الافراد قلت سر ذلك ان دواعي الإرادة ومرجحات الخصوصية الفردية كليهما حاضرة في نفس المريد في طرف الفاعل ومتفرقة في جانب الأمر بدواعي الإرادة في نفس المريد ومرجحات الفرد في نفس المأمور وهو بسوء اختياره مختار الفرد المبغوض من الطبيعة التي أرادها مولاه (منه)
(١٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»