درر الفوائد - الشيخ عبد الكريم الحائري - ج ١ - الصفحة ١٤٥
المقدمة الرابعة انه لم يرد في خبر ولا اية بطلان تعلق الأمرين بالضدين في زمان واحد حتى يتمسك بإطلاق ذلك الخبر وتلك الآية في بطلانه انما المانع حكم العقل بقبح التكليف بما لا يطاق وهو منحصر في ما إذا كان الطلبان بحيث يقتضى كل واحد منهما سلب قدرة المكلف عن الإتيان بمقتضى الاخر لو أراد الإتيان بما يقتضيه اما لو كانا بحيث لا يوجب ذلك فلا مانع أصلا إذا عرفت المقدمات المذكورة.
فنقول لو امر الأمر بإيجاد فعل مقارنا لترك ضده الاخر فهذا الأمر باعث في نفس المأمور لو علم بتحقق ذلك الترك في الآن المتصل بالآن الذي هو فيه إذ لو صبر إلى ان يتحقق ذلك الترك لم يقع المأمور به بالعنوان الذي امر به وهو المقارنة فمحل تأثير هذا الأمر في نفس المأمور انما يكون مقارنا لوقوع الترك فيجب ان يؤثر في ذلك المحل بمقتضى المقدمة الأولى وهذا الأمر المبتني على ترك الضد لا يوجب التأثير في المتعلق مطلقا حتى يستلزم لا بدية المكلف من ترك الضد بحكم المقدمة الثانية والأمر المتعلق بالضد الاخر الذي فرضناه مطلقا لا يقتضى إيجاد المتعلق في ظرف عدمه بحكم المقدمة الثالثة حتى يلزم منه وجود التكليف بالضدين في ظرف تحقق هذا الفرض بل الأمر بالأهم يقتضى عدم تحقق هذا الفرض والأمر بالمهم يقتضى إيجاده على تقدير تحقق الفرض ومن هنا يتضح عدم تحقق المانع العقلي في مثل هذين الأمرين لأن المانع كما عرفت ليس الا لزوم التكليف بما لا يطاق لأن ذلك انما يلزم من الخطابين لو كانا بحيث يلزم من امتثال كل منهما معصية الاخر وقد عرفت انه لا يلزم منهما فيما نحن فيه ذلك لأن المكلف لو امتثل الأمر بالأهم لم يعص الأمر الاخر الذي تعلق بالمهم انما ترتب على هذا الامتثال انتفاء ما كان شرطا للأمر بالمهم وقد عرفت ان عدم إتيان الواجب المشروط بترك شرطه ليس مخالفة للواجب والحاصل انه لا يقتضى وجود الخطابين بعث المكلف على الجمع بين الضدين.
ومما يدلك على هذا انه لو فرضنا محالا صدور الضدين من المكلف لم يقع
(١٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 ... » »»