درر الفوائد - الشيخ عبد الكريم الحائري - ج ١ - الصفحة ١٤١
ثم ان الثاني على أنحاء تارة تقتضي إيجاد متعلقها بعد تحقق ذلك الشيء المفروض وجوده في الخارج كما في مثال أكرم زيدا ان جاءك وأخرى تقتضي إيجاده مقارنا له (1) كما في إرادة الصوم مقارنا للفجر إلى غروب

(1) لا يخفى ان الشرط إذا كان أمرا زمانيا ممتدا كسير الشمس قدر نصف القوس مثلا فلا يمكن جعله شرطا للطلب باعتبار وجوده الخارجي مع ملاحظة اقتران الفعل المأمور به به أو سبق الفعل عليه فان ملاحظته بوجوده الخارجي يقتضى الفراغ عنه ومع الفراغ عن وجوده لا يبقى للفعل محل فلا بد في أمثال ذلك من ملاحظته باعتبار وجوده الاستقبالي شرطا بمعنى ان الشرط كون الشمس مثلا بحيث يسير هذا المقدار من المسافة فاما يطلب الفعل قبل شروعها بالسير واما مقارنا له لكن هذا المعنى لا يصحح الترتب المقصود تصحيحه في مسألة الأمر بالضدين بيان ذلك ان ترك الأهم بمقدار نصف ساعة مثلا لو جعل بتحققه الخارجي شرطا للأمر بالمهم يلزم خلاف المقصود إذ لازمه الفراغ الذهني عن مضى نصف الساعة والمقصود فعل المهم في ذلك النصف ولو جعل بوجوده الاستقبالي شرطا بمعنى ان يقال ان كنت ممن يترك في المستقبل فعل الأهم في نصف ساعة فافعل في ذلك النصف الضد المهم فلازمه طلب الجمع بين الضدين إذ طلب الأهم موجود والمفروض اجتماعه مع طلب المهم فان قلت إطلاق الأمر لا يمكن ان تشمل حال عصيانه فلا يمكن ان يقال أيها الذي تعصي افعل ولا تعص فإذا خرج عنوان من يعصى الأمر بالأهم عن تحت إطلاقه فلا مانع من مجيء الأمر بالمهم قلت وان كان لا يصح تعلقه بهذا العنوان لكن تعلقه بالذات الواقعة تحت هذا العنوان صحيح بمعنى ان المكلف الذي في علم الله سبحانه يكون ممن يعصى ليس خارجا عن التكليف كيف والا يلزم خروج العصاة عن تحت عامة التكاليف و ح فيلزم طلب الجمع من هذه الذات أحد الطلبين متعلق بذاته والاخر بعنوانه فان قلت فما الحيلة في تصحيح الأمر بالضدين في زمان واحد بعد بطلان طريقة الترتب المذكور قلت طريق تصحيحه ان نقول الفعل الزماني المحتاج إلى مقدار نصف ساعة من الزمان مثلا لا يكون تركه زمانيا ومحتاجا إلى الزمان بل هو نظير الفصل والوصل من الأمور الحاصلة في الآن الذي هو ليس جزء من الزمان وإلا لزم تركب الزمان من الجزء الذي لا يتجزى وقد تسالموا على بطلانه وعلى هذا فالامر بالمهم يقتضى المهم في تقدير هذا الترك الإني والأمر بالأهم في هذا الآن ساقط وانما يكون فيما قبل هذا الآن فالزمان واحد والآن مختلف وان شئت توضيح الحال بالمثال فافرض ان إنقاذ الغريق محتاج إلى إعمال القوة بمقدار نصف ساعة الشيء كما نرى من أنفسنا ان الإنسان إذا أراد إكرام زيد على تقدير مجيئه وعلم بمجيئه في الغد وتوقف إكرامه في الغد على مقدمات قبله يهيئ تلك المقدمات وهكذا حال إرادة الأمر فلو امر المولى بإكرام زيد على تقدير مجيئه وعلم العبد بتحقق مجيئه غدا وتوقف إكرامه غدا على إيجاد مقدمات في اليوم وجب عليه إيجادها ولا عذر له عند العقل لو ترك تلك المقدمات وهذا واضح لا سترة عليه وعلى التقدير الثاني باعثية الإرادة بالنسبة إلى الفاعل انما تكون بالعلم بتحقق ذلك الشيء المفروض وجوده في الآن الملاصق للآن الذي هو فيه كما انه على الثالث تؤثر إذا علم بتحققه في الزمن الآتي وان شئت قلت ولا يمكن في الأقل من هذا المقدار فالفعل ح وان كان محتاجا إلى هذا المقدار ولكن الترك يتحقق في الآن من دون حاجة إلى مضى شيء من اجزاء الزمان المذكور الذي فرضناه زمانا للفعل على تقدير وجوده بمعنى انه بعد انصراف العبد عن الامتثال يتحقق الترك منه في الخارج في الآن المتصل بأول الزمان المذكور من دون حاجة إلى مضى شيء من اجزائه نظير تحقق الفصل والوصل في الخارج فطلب فعل الإنقاذ يقتضى اشتغال هذا الوقت بالإنقاذ وطلب المهم كالصلاة يقتضى إشغاله بجميعه بالمهم لكن الأول في الآن السابق على ان تحقق الترك والثاني في الآن المتأخر عن ذلك الآن ولا يضر هذا التقدم والتأخر الإتيان باجتماعهما في الزمان كما لا يضر في العلة والمعلول بل ولو فرض أضداد كثيرة مترتبة في الأهمية فيتحقق هناك أوامر في آنات كثيرة ولا يضر باجتماعها كلها في زمان واحد نظير العلل الكثيرة الطولية الموجودة كل منها مع الأخرى ومع المعلول في زمان واحد فان قلت هذا متمش في مثل المثال المذكور من الإنقاذ مما ليس له الا فرد واحد زماني واما في مثل الإزالة مما يمكن له افراد زمانية تدريجية فمتى انقضى زمان الفرد الأول تصل النوبة إلى الفرد الثاني فلا يبقى مجال للأمر بالصلاة مثلا قلت بعد تصحيح الأمر في المثال الأول لا يبقى وقع لهذا السؤال فاما نفرض ان الأمر بالصلاة متعلق بجزء جزء منه مستقلا حسب أزمنة الأزالات ففي أول زمان كل فرد من الإزالة يتحقق امر بجزء من الصلاة يسعه ذلك الزمان نظير من توجد له القدرة على اجزاء الصلاة شيئا فشيئا كما لو قام عنده أحد ويلقنه أقوالها وأفعالها شيئا فشيئا من أول الصلاة إلى آخرها مثلا فتدبر جيدا (منه)
(١٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 ... » »»