لو وقع مكررا امتنع الامتثال مطلقا فالثمرة ظاهرة إذ على القول بالطبيعة يمتثل بالمرة في صورة التكرار بل وبالتكرار أيضا على قول البعض وعلى القول بالمرة لا يمتثل بالمرة وإن أريد مجرد المنع من التكرار فالثمرة تظهر على تقدير تفسير البدعة بالمعنى المعروف في مستند المنع فإنه على القول بالطبيعة كونه بدعة وعلى القول بالمرة ظاهر الامر أيضا ولا خفاء في الثمرة على التفسير الاخر وإن فسرت المرة بالفرد وجي بالزائد دفعة فلا ثمرة على الاحتمال الأول لتحقق الامتثال على القولين كما نبهنا عليه في الاحتمال الظاهر على هذا القول وعلى الاحتمالين الأخيرين يمتثل على القول بالطبيعة ولا يمتثل على الاحتمال الأول في المرة لانتفاء الشرط وكذا على الثاني عند من يمنع من اجتماع الأمر والنهي لجهتين وأما على القول بالجواز فيمتثل بالجميع ويعصى به باعتبارين وأما ما قيل من أن المطلوب حينئذ يستخرج بالقرعة فواضح الفساد إذ لا تعلق لذلك حينئذ بمسألة الاجتماع مع أن القرعة إنما تصلح لتعيين ما هو معين في الواقع غير معين في الظاهر وظاهر أن المقام ليس منه إذ لا تعيين في الواقع للزوم الترجيح بلا مرجح ثم هذا كله إذا فسرت الوحدة بالوحدة الشخصية بالمعنى المتقدم وأما إذا فسرت بالوحدة المطلقة كما زعمه المحشي الشيرازي لم يكن فرق بين القولين مطلقا إلا في الاعتبار إذ الفعل المأتي به في الوقت الثاني كما أنه فرد للطبيعة من حيث هي كذلك فرد للطبيعة من حيث هي كذلك فرد للطبيعة المقيدة بالوحدة المطلقة فإن قلنا بحصول الامتثال به على الأول اتجه القول به على الثاني أيضا وإن منعناه في الأول اتجه المنع في الثاني أيضا هذا محصل الكلام في ثمرة النزاع من حيث المعنى وأما من حيث اللفظ فإن كان القائلون بالمرة والتكرار يجعلونه مجازا في غيره كما هو الظاهر فالثمرة ظاهرة وإن كانوا يجعلونه ظاهرا في ذلك فلا ثمرة من حيث اللفظ لكن القول بالمرة بهذا المعنى يرجع إلى القول بالطبيعة على ما حققناه وأما القائل بالاشتراك والمتوقف فمرجعهما في مقام العمل إلى القول بالمرة و يعرف الثمرة بينهما أو بين سائر الأقوال مما مر فصل الحق أنه لا دلالة لصيغة الامر بمجردها على فور ولا على تراخ وفاقا لجماعة من المحققين وخلافا للشيخ وجماعة حيث ذهبوا إلى أنها تقتضي الفور والتعجيل وللسيد حيث جعلها مشتركة بينه وبين التراخي وتوقف جماعة وهم بين من يقول إذا بادر لم يقطع بكونه ممتثلا لجواز أن يكون المقصود هو التأخير وبين من يقول إذا بادر كان ممتثلا قطعا وإن أخر لم يقطع بخروجه عن العهدة وموضع النزاع دلالة الامر باعتبار الصيغة أعني الهيئة كما مر في المبحث السابق وأما باعتبار المادة فلا ريب في أنه قد يقتضي أحدهما وقد لا يقتضيه ولهذا لم يوردوا على المستدلين بالآيتين على الفورية بلزوم الدور وإن أمكن دفعه بتغاير الجهة ثم المراد بالفور إما الزمن الثاني من الخطاب أو أول أزمنة الامكان وقد وقع التفسيران في تضاعيف كلماتهم والأول أقرب لفظا والثاني أوفق اعتبارا والفرق بينهما ظاهر فإن أول أزمنة الامكان قد يكون هو الزمن الثاني من الخطاب وقد يكون غيره كما في الأوامر المشروطة بما يتراخى حصوله وكما في الأوامر المطلقة التي أريد بها الفعل بحسب زمن متراخ كما في المستطيع النائي فإن الفورية بالمعنى الأول يمتنع اعتبارها فيهما بخلافها بالمعنى الثاني نعم لو أريد بالخطاب تعلق مؤداه الفعلي انحصر التفارق في القسم الثاني وكيف كان فالمراد بها الفورية العرفية لا العقلية فإن خطابات الشرع إنما ترد على حسب أفهام العرف ويعرف الكلام في التراخي بالمقايسة ثم النزاع إما في الدلالة من حيث الوضع كما يظهر من الحجة المعروفة لمنكري الاقتضاء حيث اقتصروا فيها على نفيه ويرشد إليه القول بالاشتراك أيضا وهذا يتصور تارة بأخذ الفور أو التراخي داخلا في مدلول الصيغة بأن تكون موضوعة للمركب وأخرى يأخذه قيدا لمدلولها خارجا منها فيكون دلالته عليه بالالتزام أو في الدلالة من حيث الظهور كما يرشد إليه القول بالفورية فإنه يبعد جدا التزام كونها مجازا في التراخي وربما يؤيده إحراز بعضهم قيد الاطلاق في عنوان النزاع حيث حرره في الامر المطلق فإنه أراد بإطلاقه خلوه عن القرائن المفيدة لتقييده بأحد القيود الثلاثة لا مطلق الاطلاق إذ لا تعلق له بالمقام أو في إثبات الحكم ولو من حيث دليل خارجي كما يرشد إليه استدلالهم ب آية المسارعة والاستباق وبلزوم خروج الواجب عن كونه واجبا ويؤكده عدم تعرض كثير منهم في الجواب عنها بخروج قضيتها على تقدير المساعدة عليها عن محل النزاع فالمثبتون لا تخرج مقالتهم عن أحد هذه الوجوه وأما المنكرون فالظاهر أنهم ينكرون الجميع بدليل إطلاقهم القول بعدم الاقتضاء الشامل للجميع لنا أنه لو اقتضاه فإما أن يقتضيه لفظا أو معنى والتالي بقسميه باطل أما الملازمة فظاهرة وأما بطلان القسم الأول من التالي فلانتفائه بأقسامه الثلاثة أما المطابقة والتضمن فلان المتبادر من الصيغة ليس إلا طلب الحقيقة والفور والتراخي خارجان عنه وأما الالتزام فلانه لا ملازمة بين طلب الفعل وبين طلب إيقاعه فورا أو متراخيا لا عقلا ولا عرفا بدليل صحة تقييده بكل منهما من غير تناقض ولو في الظاهر ولا تكرار ولو على سبيل التأكيد وأما انتفاؤه معنى فلما سنبينه من بطلان ما تمسك به الخصم وعدم ما يصلح له سواه ولنا أيضا أن استعماله في القدر المشترك ثابت وفي كل من الخصوصيتين غير ثابت وإنما الثابت إطلاقه على المقيد بهما وقضية الأصل كونه حقيقة فيما ثبت استعماله فيه وأيضا لو كان موضوعا للقدر المشترك كان إطلاقه على كل من الفور والتراخي على الحقيقة من غير اشتراك ولو كان موضوعا لاحد مما لزم المجاز أو الاشتراك المخالفان للأصل وقد مر الاستدلال الأخير بما فيه واعلم أن هذين الوجهين إنما ينهضان على بعض المقصود من نفي الاقتضاء الوضعي والوجه الأول على ما حررناه ينهض على تمام المقصود لدلالته على نفي الاقتضاء مطلقا حيث ألحقنا فيه بنفي الاقتضاء اللفظي نفي الاقتضاء المعنوي فإن المراد به ما يعم العقلي والشرعي والمعروف بينهم ترك هذا الالحاق والحجة معه قاصرة عن إفادة المقصود احتج القائلون بالفور بوجوه الأول أن المولى قال لعبده اسقني فأخر السقي عد عاصيا وليس ذلك إلا لدلالة الصيغة على الفور والجواب أن القرينة هناك قائمة على إفادة الفور حيث إن العادة تقضي بأن طلب السقي لا يكون إلا عند الحاجة إليه والكلام عند فقد القرينة الثاني قوله تعالى مخاطبا لإبليس ما منعك أن لا تسجد إذ
(٧٥)