بالشهرة عن وجود خلل خفي فيه أو تنعقد على معارض معين وكونه أقوى وقد يوجد في كلام بعض المعاصرين من أن الشهرة يتقوى بكثرة الاخبار التي تخالفها وأنه كلما كانت الاخبار التي تخالفها أكثر و أشهر كانت الشهرة أقوى لا سيما إذا كانت الاخبار صحيحة صريحة وخصوصا إذا لم يكن على المشهور دليل ظاهر أو كان عليه دليل ضعيف وهذا على إطلاقه غير جيد لان مجرد وجود المعارض عندهم أو كونه أقوى لا يوجب كونه كذلك عندنا واعلم أن الشهرة تنقسم إلى محصلة ومنقولة فالمحصلة هي الشهرة التي علم بها بالتتبع في كتب الأصحاب أو بنقل من يحصل القطع بنقلهم إما لكثرتهم أو لمساعدة أمارات خارجة والمنقولة هي التي تصدى لنقلها من لا يحصل القطع بنقله وثبوتها بالطريق الأول ليس موضع خفاء وأما بالطريق الثاني فموضع كلام والتحقيق أنه إن أمكن الاطلاع عليها بالطريق الأول لم يجز التعويل على الثاني للأصل ولعدم حصول الاستفراغ التام المعتبر في الاجتهاد حينئذ وإلا جاز مع حصول الوثوق بنقله تعويلا على الظاهر من نقل الثقة فإن قلت لا تصنيف لكثير من أصحابنا وكثير من أصحاب التصنيف قد اضمحلت مصنفاتهم واندرست كتبهم فليس من يطلع على قوله من الأصحاب إلا البعض فكيف يمكن الوقوف على الشهرة والعلم بها مع الجهل بقول الآخرين وأيضا تدوين الفتاوى لم تكن متداولة بين قدماء أصحابنا و إنما كان طريقتهم الجمود على تدوين الاخبار غالبا كما نبه عليه بعضهم فكيف يمكن الاطلاع على مذاهبهم وآرائهم قلت أساطير الأصحاب ورؤساؤهم المعروفون أولو مصنفات معروفة وكتب مشهورة وقد تقاربت أزمانهم وأعصارهم والغالب وقوفهم على مذهب معاصريهم ومن قرب إلى عصرهم وتصديقهم لنقل أقوالهم و لو بطريق الاجمال وعدم تعيين القائل فمع عدم نقل الخلاف إلا عن قليل مما يستكشف به غالبا من عدم مخالف يعتد به سواهم وأما قدماء أصحابنا فيعرف مذاهبهم غالبا بكتب الاخبار التي دونها للعمل أو بالنقل أو بمساعدة أمارات خارجية يقف عليها المتتبع على أنه لا يبعد أن يقال إن الشهرة المفيدة للظن وهي التي يناط بها الاحكام السابقة هي الشهرة بين من وقف على قوله من أصحابنا الذين تداولت كتبهم ونقلت آراؤهم دون غيرهم ممن يتعذر الوصول إلى معرفة قوله غالبا واعلم أيضا أنه قد تتعارض الشهرة بين المتقدمين والشهرة بين المتأخرين فيمكن ترجيح شهرة المتقدمين لكونهم أقرب إلى زمن المعصوم وأطلع على الاخبار والآثار وترجيح شهرة المتأخرين لكونهم أدق نظرا و أعرف بوجوه الاستنباط وقد قيل رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ويحتمل عدم الاعتداد بخصوصية إحداهما والرجوع إلى ما هو المشهور بين الكل على تقدير تحققه ولو قيل بالرجوع إلى ما يكون والظن معه أقوى وإن ذلك يختلف باختلاف الموارد كان قويا هذا كله في الشهرة في الفتوى وأما الشهرة في الرواية فالحق أنها تنهض بجبر الرواية الضعيفة وإن لم يساعدها الشهرة في الفتوى و يتحقق بتكرر موضع الضعف من السند بحيث يحصل معه الاعتماد بصدق الخبر ويختلف ذلك باختلاف مراتب الضعف ولو تحقق الضعف في جميع رجال السند اعتبر التكرر في الجميع وأما اشتهار نقل الرواية في كتب المحدثين فلا يخلو من نوع تأييد لكن لا يبلغ بمجرده درجة الحجية فصل ينقسم الاجماع إلى بسيط ومركب فالاجماع البسيط هو الاجماع المنعقد على حكم واحد ولو تعددت الاحكام وانعقد الاجماع على كل واحد منها فإجماعات بسيطة و يقابله المركب وهو الاجماع المنعقد على حكمين أو أحكام مع عدم انعقاده على كل واحد سواء كان في موضوع واحد كاستحباب الجهر في ظهر الجمعة وحرمته حيث افترق الأصحاب فيه فرقتين فالقول بوجوبه مثلا خرق للاجماع المركب أو في موضوعين فما زاد كتبديل الركعتين من جلوس بركعة من قيام في الشك بين الثنتين و الثلاث وبين الثلاث والأربع فإن من قال بجواز تبديلهما بها قال به في المقامين ومن منع منه في المقامين فالقول بجوازه في أحدهما دون الاخر خرق للاجماع المركب ويسمى هذا النوع بعدم القول بالفصل أيضا وهو أعم من الاجماع المركب من وجه لجواز الاتفاق على عدم الفرق بين حكم موضوعين فصاعدا مثلا من غير أن يستقر الآراء على التعيين مطلقا على مذهب العامة أو في الظاهر مع القطع بدخول المعصوم عليه السلام مع احتمال وجود مانع في حقه كالتقية بناء على مذهبنا أو لعدم علمنا مما استقرت عليه الآراء عند الفريقين والأظهر أن يخص الاجماع المركب بما يتحد فيه مورد الأقوال و يجعل لما يتعدد فيه المورد عنوان عدم القول بالفصل لئلا يلزم التكرار في بيان أقوال المسألتين وذكر أحكامهما إذا تحقق عندك هذا فلا بد لنا هنا من تحقيق مقامات الأول لا يجوز عندنا مخالفة الاجماع البسيط على طريقتنا حيث يكون كاشفا عن قول المعصوم الواقعي مطلقا ووجهه واضح وأما ما كشف عن قوله الظاهري فيجوز مخالفته مع قيام دليل على خلافه كما لو استكشف بالاتفاق عن حكم الامام بطهارة المخالفين في الجملة فإنه يجوز مخالفته عند قيام دليل كاشف عن كونه حكما ظاهريا منوطا بالتقية وكذا لو استكشف بالاجماع عن تأصيله لأصل عام على وجه يقبل [يفيد] التخصيص عند قيام دليل عليه ولو علم إجمالا بورود الحكم منه مورد التقية ولم يظفر بدليل يدل على تعيين المخالف ففي جواز الاخذ به و عدمه وجهان أظهرهما الأخير نعم لو علم أن المنظور فيه مراعاة مصلحة في المكلفين وعلم ببقائها في حقنا وجب الاخذ به وفي صورة الظن بهما أو بأحدهما مع العلم بالآخر وجهان وقريب منها صورة الشك ولا يذهب عليك أن هذا التفصيل لا ينافي ما قررناه سابقا من حجية الاجماع مطلقا لان الملحوظ هناك إنما هو الاجماع من حيث نفسه كقولنا بحجية قول المعصوم فإن الملحوظ فيه نفس القول ولو فسرنا القول بالرأي الواقعي أو ما لم ينكشف مخالفته للواقع دون ما أبداه في الظاهر مطلقا كما هو الظاهر زال الاشكال بالنسبة إلى بعض الموارد المتقدمة الثاني إذا
(٢٥٥)