له، إلى غير ذلك مما لابد منه ولم يكن عنده قول من يجوز تقليده حتى يرجع إليه فكيف يصنع؟ - قلنا: وجود من يجوز تقليده من ضروريات الدين ومن تمام شرائط التكليف فلا يجوز خلو الزمان عنه فلو خلا بلد منه وجب على أهله النفور إلى بلد يمكنهم فيها تحصيل ذلك على الكفاية، قال الله تعالى: فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون (1) وإذا كان ذلك والعياذ بالله فلا يجوز لاحد الاشتغال عن التحصيل بشئ من العبادات ولا غيرها الا بقدر تحصيل المعاش الضروري لا غير، ولو لم يفعلوا ذلك كان الكل مأثومين إذ لا يجوز لهم صرف شئ من الزمان في غير ذلك. واما خلو جميع البلاد فغير جائز لاستلزام رفع التكاليف وفسق جميع الأمة وخروجهم عن العدالة وهو يستلزم رفع الثقة بشئ من أحكام الدين.
فان قلت: من كان قادرا على استنباط الاحكام من كتب الحديث وكان في البلد من هو أعلم منه بطريق الاستنباط وأكثر تتبعا وأوفر تفقها فهل يجب عليه الرجوع إلى قول الأعلم الأفقه أو يعتمد على فقاهة نفسه؟ - قلنا: إذا كان وثوقه على تتبع الأعلم وتفقهه أكثر من وثوقه على فقاهة نفسه وان كان في الواقعة المخصوصة فحسب يجب عليه الرجوع إليه.
فان قلت: فهل لدرجة الفتوى وأهليتها حد لا يصلح لمن هو دونها؟ - قلنا: اما الفتوى على سبيل البت والقطع وفي جميع الأحكام فلا يجوز الا للمحقق الاخذ من الله سبحانه بلا تقليد وقد مضى ذكر شرائطه في كلام الصادق (ع) وقد يجوز لغيره إذا سمع منه مشافهة من غير اشتباه ومن هذا القبيل ما ورد عن الصادق (ع) انه قال لبعض أصحابه: اجلس في مسجد المدينة وأفت الناس اني أحب ان يرى في شيعتي مثلك (2).
واما غير ذلك فيجوز لمن عرف من الكتاب والسنة المجمع عليه بين المسلمين اي ما هو من ضروريات الدين أو المجمع عليه بين الفرقة المحقة اي ما هو من ضروريات المذهب