ان يفتي فيهما خاصة على سبيل البت بعد معرفته بالله ورسوله وبما جاء به رسول الله (ص) ولو اجمالا، لان الكتاب والسنة من عندهما وبعد معرفته بالعلوم العربية بقدر ما يتوقف فهم الكتاب والسنة عليه لأنهما عربيان. واما المسائل المختلف فيها فان كان أحد الأقوال موافقا لظاهر الكتاب والسنة وأخبار أهل البيت عليهم السلام جميعا ولا معارض له من الثلاثة أصلا كوجوب الجمعة حال غيبة الإمام (ع) فيجوز الافتاء فيه بهذا القول على سبيل البت لمن ظهر له حقيقة ذلك ولم يؤثر فيه شبهات الناس بعد كلام الله وكلام رسوله وكلام أهل البيت عليهم السلام وتأكيداتهم في ذلك والا فلا يجوز لغير المحقق والسامع منه من غير اشتباه ان يفتي بأحد الأقوال على سبيل البت كما عرفت سابقا فهو إنما يفتي على الاضطرار لأنه في مخمصة غير متجانف لاثم فيقول للمستفتي: فيه روايتان وأنت مخير في العمل بأيهما شئت، أو: لك ان تفعل كذا، مقتصرا على إحدى الروايتين، أو: الأولى ان تعمل بكذا، والاحتياط يقتضي ذلك، أو كذا فهمت من الجمع بين الأدلة، إلى غير ذلك مما يفعله أكثر أصحابنا في أكثر فتاويهم فيقولون: على الأظهر أو الأقوى أو الأحوط أو الأشهر أو نحو ذلك وبالجملة يفتي على سبيل الاحتمال بما هو الأرجح بزعمه بناء على أصوله المأخوذة من المحقق المعصوم عليه السلام بشرط ان يكون ذلك بعد تحصيله للمعارف المشار إليها وزيادة هي ان يكون عارفا بكل ما يتعلق به التراجيح عند التعارض كالعلم بالناسخ والمنسوخ، والخاص والعام، والمقيد والمطلق، والمبين والمجمل، والأفقه والأعدل من الراويين (1)، إلى غير ذلك، وأن يكون ذا فهم مستقيم ليس فيه اعوجاج، وصاحب طبع سليم لا يصدر منه لجاج، وهو المعبر عنه عند أصحابنا بالقوة القدسية (2)
(١٥٥)