ويمكن أيضا أن يستدل على أن الاستثناء راجع، إلى قبول الشهادة بقوله - تعالى -: (إلا الذين تابوا من بعد ذلك، وأصلحوا) ومعلوم أن التوبة كافية في إسقاط حكم الفسق، وأن إصلاح العمل ليس بشرط في ذلك، وهو شرط في قبول الشهادة، فيجب أن يعود الاستثناء أيضا إلى قبول الشهادة.
فإن قيل: قوله - تعالى -: (فإن الله غفور رحيم) لا يليق إلا بإسقاط عقاب الفسق، دون قبول الشهادة.
قلنا: وصفه - تعالى - بالغفران والرحمة مما يستحقه جل اسمه على كل حال، ولا يحتاج فيه إلى مطابقة بعض ما يتعقبه من الكلام.
على أن الرحمة هي النعمة، والله - تعالى - منعم بالامر بقبول شهادة التائب من القذف بعد أن كانت مردودة، والغفران في الأصل مأخوذ من الغفر الذي هو الستر، ومنه المغفر، لأنه ساتر، وإنما سمي الاسقاط للعقاب غفرانا، من حيث كان الساتر