وكان يجب أيضا في كل من عقل معنى من المعاني، وكان مما يجوز أن تدعوه الدواعي إلى إفهامه، والعبارة عنه، أن يضع له عبارة، وأن يكون ملجأ إلى وضعها، ومعلوم خلاف ذلك، لأنا نعلم أن المتكلمين الذين قد استدلوا، فعلموا اختلاف الأكوان في الأماكن، والاعتمادات في الجهات والطعوم والأراييح، لم يضعوا للمختلف من ذلك عبارات، وإن كانوا قد عرفوه، وميزوه، ولا يمكن أن يقال فيهم ما يقال في أهل اللغة: أنهم إنما لم يضعوا لسائر ما عددناه، من حيث لم يعرفوه، وإذا لم يضعوا ذلك، ثبت أن أهل اللغة غير ملجئين إلى وضع الألفاظ لما عقلوه من المعاني، لان الالجاء لا يختلف فيمن تكامل له شروطه.
وبعد، فإنا نصير إلى ما آثروه، ونقول: قد وضعوا للاستغراق عبارة تنبئ عنه، إلا أنه من أين لهم أنها يجب أن تكون خاصة