وإنما لا يجوز أن يريد باللفظة الواحدة الأمر والنهي، لتنافي موجبيهما، لان الامر يقتضى إرادة المأمور به، والنهى يقتضى كراهة المنهي عنه، ويستحيل أن يكون مريدا كارها للشئ الواحد على الوجه الواحد.
وكذلك لا يجوز أن يريد باللفظة الواحدة الاقتصار على الشئ وتعديه، لان ذلك يقتضى أن يكون مريدا للشئ وأن لا يريده.
وقولهم لا يجوز أن يريد باللفظة الواحدة * استعمالها فيما وضعت له والعدول بها عما وضعف له، ليس بصحيح، لان المتكلم بالحقيقة والمجاز ليس يجب أن يكون قاصدا إلى ما وضعوه وإلى ما لم يضعوه، بل يكفي في كونه متكلما بالحقيقة، أن يستعملها فيما وضعت له في اللغة، وهذا القدر كاف في كونه متكلما باللغة، من غير حاجة إلى قصد استعمالها فيما وضعوه. وهذه الجملة كافية في إسقاط الشبهة.
واعلم أن الغرض في أصول الفقه التي بينا أن مدارها إنما هو على الخطاب وقد ذكرنا مهم أقسامه، وما لا بد منه من أحواله. لما كان لا بد فيه من العلم بأحكام الافعال، ليفعل ما يجب فعله، ويجتنب