أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٩ - الصفحة ١٣٢
((سورة الكافرون)) * (قل ياأيها الكافرون * لا أعبد ما تعبدون * ولا أنتم عابدون مآ أعبد * ولا أنآ عابد ما عبدتم * ولا أنتم عابدون مآ أعبد * لكم دينكم ولى دين) * * (قل ياأيها الكافرون) *. نداء للمشركين بمكة، لما عرضوا عليه صلى الله عليه وسلم أن يترك دعوته ويملكوه عليهم أو يعطوه من المال ما يرضيه ونحوه فرفض، فقالوا: تقبل منا ما نعرضه عليك: تعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة، فسكت عنهم فنزلت، وقالوا له: إن يكن الخير معنا أصبته، وإن يكن معك أصبناه.
وفي مجيء: قل، مع أن مقول القول كان قد يكفي في البلاغ، ولكن مجيئها لغاية فما هي؟
قال الفخر الرازي: إما لأنهم عابوه صلى الله عليه وسلم في السورة التي قبلها بقولهم: * (أنه) * فجاء قوله: * (قل) *، إشعارا بأن الله يرد عن رسوله بهذا الخطاب، الذي ينادي عليهم في ناديهم بأثقل الأوصاف عليهم، فقال له: * (قل ياأيها الكافرون) *.
أو أنه لما كان هذا الخطاب فيه مغايرة المألوف من تخاطبه معهم من أسلوب الحكمة والموعظة الحسنة، وكان فيه من التقريع لهم ومجابهتهم، قال له: قل: إشعارا بأنه مبلغ عن الله ما أمر به، وجاءت يا، وهي لنداء البعيد، لبعدهم في الكفر والعناد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. * (لا أعبد ما تعبدون * ولا أنتم عابدون مآ أعبد * ولا أنآ عابد ما عبدتم * ولا أنتم عابدون مآ أعبد) *. قيل، تكرار في العبارات للتوكيد، كتكرار * (ويل يومئذ للمكذبين) *، وتكرار: * (فبأى ءالاء ربكما تكذبان) *.
ونظيره في الشعر أكثر من أن يحصر، من ذلك ما أورده القرطبي رحمه الله
(١٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 ... » »»