أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ١٠١
فإذا امتلك رجل امرأة حل له أن يستمتع منها بملك اليمين، والمرأة إذا امتلكت عبدا لا يحل لها أن تستمتع منه بملك اليمين، ولقوامة الرجل على المرأة وعلى أولادها وهو كافر لا يسلم لها دينها، ولا لأولادها، والجانب الثاني شمول الإسلام وقصور غيره، وينبني عليه أمر اجتماعي له مساس بكيان الأسرة وحسن العشرة، وذلك أن المسلم إذا تزوج كتابية، فهو يؤمن بكتابها وبرسولها، فسيكون معها على مبدأ من يحترم دينها لإيمانه به في الجملة، فسيكون هناك مجال للتفاهم، وقد يحصل التوصل إلى إسلامها بموجب كتابها، أما الكتابي إذا تزوج مسلمة، فهو لا يؤمن بدينها، فلا تجد منه احتراما لمبدئها ودينها، ولا مجال للمفاهمة معه في أمر لا يؤمن به كلية، وبالتالي فلا مجال للتفاهم ولا للوئام، وإذا فلا جدوى من هذا الزواج بالكلية، فمنع منه ابتداء.
وقوله تعالى: * (ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذآ ءاتيتموهن أجورهن) * يعني صداقهن.
ويدل بمفهومه أن النكاح بدون الأجور فيه جناح، وقد جاء النص بهذا المفهوم في قوله تعالى * (وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبى إن أراد النبى أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين) *، فهبة المرأة نفسها بدون صداق خاص به صلى الله عليه وسلم، فقوله تعالى * (خالصة لك من دون المؤمنين) * لا يحله لغيره صلى الله عليه وسلم، وقوله * (إذآ ءاتيتموهن أجورهن) * ظاهر في أن النكاح لا يصح إلا بإتيان الأجور.
وقد جاء ما يدل على صحة العقد بدون إتيان الصداق كما في قوله تعالى * (لا جناح عليكم إن طلقتم النسآء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن) *.
وقد ذكر الفقهاء حكم المفوضة، أنه إن دخل بها فله صداق المثل، ويدل لإطلاق الأجور على الصداق قوله تعالى في نكاح الإماء لمن لم يستطع طولا للحرائر * (فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات) * إلى قوله * (فانكحوهن بإذن أهلهن وءاتوهن أجورهن) * وفي نكاح أهل الكتاب * (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذآ ءاتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين) *، وقوله تعالى
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»