أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ١٠٣
الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير) * وقوله فيهم: * (فبآءو بغضب على غضب) * وقد فرق الله بينهم وبين النصارى في قوله تعالى * (غير المغضوب عليهم ولا الضآلين) *، ولو قيل: إنها في اليهود والمنافقين، لما كان بعيدا لأنه تعالى نص على غضبه على المنافقين في هذا الخصوص في سورة المجادلة في قوله تعالى: * (ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم ما هم منكم ولا منهم ويحلفون على الكذب وهم يعلمون) * وعلى هذا فتكون خاصة في اليهود والمنافقين، والغرض من تخصيصها بهما وعودة ذكرهما بعد العموم المتقدم في عدوي وعدوكم، كما أسلفنا هو والله تعالى أعلم: لما نهى أولا عن موالاة الأعداء وأمر بتقطيع الأواصر بين ذوي الأرحام، جاء بعدها ما يشيع الأمل بقوله: * (عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة) * وعاديتم عامة باقية على عمومها. ولكن اليهود والمنافقين لم يدخلوا في مدلول عسى تلك، فنبه تعالى عليهم بخصوصهم لئلا يطمع المؤمنون أو ينتظروا شيئا من ذلك، فأيأسهم من موالاتهم ومودتهم، كيأس اليهود والمنافقين في الآخرة، أي بعدم الإيمان الذي هو رابطة الرجاء المتقدم في عسى، وفعلا كان كما أخبر الله، فقد جعل المودة من بعض المشركين ولم يجعلها من بعض المنافقين ولا اليهود، فهي إذا مؤسسة لمعنى جديد، وليست مؤكدة لما تقدم، والعلم عند الله تعالى.
(١٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 ... » »»