أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ١٠٦
وفي العهد قوله: * (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا) *.
ومن هذا الوجه، فقد بحثها الشيخ رحمة الله تعالى عليه في عدة مواضع، منها في سورة هود عند قول شعيب المذكور.
ومنها عند قوله تعالى: * (واذكر فى الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد) * في سورة مريم.
وبحث فيها الوفاء بالوعد، والفرق بين الوعد والوعيد، والوفاء بالوعد والخلف في الوعيد، وعقد لها مسألة، وساق آيتي الصف هناك. قوله تعالى: * (إن الله يحب الذين يقاتلون فى سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص) *. اختلف علماء التفسير في المراد بالبنيان المرصوص، فنقل بعضهم عن الفراء: أنه المتلاحم بالرصاص لشدة قوته، والجمهور: أنه المتلاصق المتراص المتساوي.
والواقع أن المراد بالتشبيه هنا هو وجه الشبه، ولا يصح أن يكون هنا هو شكل البناء لا في تلاحمه بالرصاص، وعدم انفكاكه ولا تساويه وتراصه، لأن ذلك يتنافى وطبيعة الكر والفر في أرض المعركة، ولكل وقعة نظامها حسب موقعها.
والذي يظهر والله تعالى أعلم: أن وجه الشبه المراد هنا هو عموم القوة والوحدة.
قال الزمخشري: يجوز أن يريد استواء بنائهم في الثبات حتى يكونوا في اجتماع الكلمة كالبنيان المرصوص ا ه.
ويدل لهذا الآتي:
أولا قوله تعالى: * (وإذ غدوت من أهلك تبوىء المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم) *.
فالمقاعد هنا هي المواقع للجماعات من الجيش، وهي التعبئة حسب ظروف الموقعة، كما فعل صلى الله عليه وسلم في وضع الرماة في غزوة أحد حماية لظهورهم من التفاف العدو بهم
(١٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»