أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٥٤٨
المعنى يشمل كل المعاني لأنها أحسن خلف لكل ما ينفق العبد، وخير وأحسن مجازاة على أي عمل مهما كان، ولا يتوصل إليها إلا بلا إله إلا الله.
وقوله: * (فسنيسره لليسرى) * وقوله: * (فسنيسره للعسرى) * بعد ذكر أعطى واتقى في الأولى، وبخل واستغنى في الثانية.
قيل: هو دلالة على أن فعل الطاعة ييسر إلى طاعة أخرى، وفعل المعصية يدفع إلى معصية أخرى.
قال ابن كثير: مثل قوله تعالى: * (ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم فى طغيانهم يعمهون) *.
ثم قال: والآيات في هذا المعنى كثيرة، دالة على أن الله عز وجل، يجازي من قصد الخير بالتوفيق له، ومن قصد الشر بالخذلان، وكل ذلك بقدر مقدر.
والأحاديث الدالة على ذلك كثيرة. وذكر عن أبي بكر عند أحمد، وعن علي عند البخاري، وعبد الله بن عمر عند أحمد، وعدد كثير بروايات متعددة، أشملها وأصحها حديث علي عند البخاري قال علي: (كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بقيع الغرقد في جنازة فقال: ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار) فقالوا: يا رسول الله، أفلا نتكل؟ (فقال: اعملوا، فكل ميسر لما خلق له، ثم قرأ * (فأما من أعطى واتقى * وصدق بالحسنى * فسنيسره لليسرى) * إلى قوله * (للعسرى) * فهي من الآيات التي لها تعلق ببحث القدر.
وتقدم مرارا بحث هذه المسألة. والعلم عند الله تعالى.
تنبيه قال أبو حيان: جاء قوله: * (فسنيسره للعسرى) * على سبيل المقابلة، لأن العسرى لا تيسير فيها. ا ه.
وهذا من حيث الأسلوب ممكن، ولكن لا يبعد أن يكون معنى التيسير موجودا بالفعل، إذ المشاهد أن من خذلهم الله عياذا بالله يوجد منهم إقبال وقبول وارتياح، لما يكون أثقل وأشق ما يكون على غيرهم، ويرون ما هم فيه سهلا ميسرا لا غضاضة
(٥٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 543 544 545 546 547 548 549 550 551 552 553 ... » »»