فالضحى وحده آية وهو حرها كقوله: * (وأنك لا تظمؤا فيها ولا تضحى) *، أي بحر الشمس، وقد أقسم تعالى بالضحى وحده في قوله تعالى: * (والضحى * واليل إذا سجى) *.
وقوله: * (والقمر إذا تلاها) *، فهو كذلك القمر وحده آية، وكذلك تلوه للشمس ونظام مسيره بهذه الدقة، وهذا النظام فلا يسبقها ولا تفوته: * (لا الشمس ينبغى لهآ أن تدرك القمر ولا اليل سابق النهار وكل فى فلك يسبحون) *.
وفي قوله تعالى: * (إذا تلاها) *، أي تلا الشمس، دلالة على سير الجميع، وأنها سابقته وهو تاليها.
فقيل: تاليها عند أول الشهر تغرب، ويظهر من مكان غروبها.
وقد قال بعض أهل الهيأة: تاليها في منزلة الحجم، أي كبرى وهو كبير بعدها في الحجم، وفيه نظر.
ولا يخفى ما في القمر من فوائد للخليفة، من تخفيف ظلمة الليل، وكذلك بعض الخصائص على الزرع، وأهم خصائصه بيان الشهور بتقسيم السنة ومعرفة العبادات من صوم، وحج، وزكاة، وعدد النساء، وكفارات بصوم، وحلول الديون، وشروط المعاملات، وكل ما له صلة بالحساب في عبادة أو معاملة.
وقد جاء القسم بالقمر في المدثر في قوله: * (كلا والقمر * واليل إذ أدبر) *، وقوله: * (والقمر إذا اتسق) *، مما يدل على عظم آيته ودقة دلالته.
وقوله: * (والنهار إذا جلاها) *، والنهار هو أثر من آثار ضوء الشمس.
وجلاها. قيل: الضمير فيه راجع للشمس كما في الذي قبله، ولكن اختار ابن كثير أن يكون راجعا للأرض، أي كشفها وأوضح كل ما فيها ليتيسر طلب المعاش والسعي، كقوله: * (هو الذى جعل لكم اليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا) *، وقوله: * (وهو الذى جعل لكم اليل لباسا والنوم سباتا وجعل النهار نشورا) *.