تنبيه قد قيل أيضا: إن المراد بقوله: * (وسيجنبها الا تقى * الذى يؤتى ماله يتزكى) *، إلى آخر السورة. نازل في أبي بكر رضي الله عنه، لما كان يعتق ضعفة المسلمين، ومن يعذبون على إسلامهم في مكة، فقيل له: لو اشتريت الأقوياء يساعدونك ويدافعون عنك. فأنزل الله الآيات إلى قوله: * (وما لاحد عنده من نعمة تجزى * إلا ابتغآء وجه ربه الا على) *، وابتغاء وجه رب هو بعينه، وصدق بالحسنى أي لوجه الله يرجو الثواب من الله.
وكما تقدم، فإن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وإن صورة السبب قطعية الدخول. فهذه بشرى عظيمة للصديق رضي الله عنه، ولسوف يرضى في غاية من التأكيد من الله تعالى، على وعده إياه صلى الله عليه وسلم وأرضاه.
وذكر ابن كثير: أن في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من أنفق زوجين في سبيل الله دعته خزنة الجنة: يا عبد الله هذا خير، فقال أبو بكر: يا رسول الله، ما على من يدعي منها ضرورة، فهل يدعي منها كلها أحد؟ نعم، وأرجو أن تكون منهم). ا ه.
وإنا لنرجو الله كذلك فضلا منه تعالى.
تنبيه في قوله تعالى: * (ولسوف يرضى) *، وذكر ابن كثير إجماع المفسرين أنها في أبي بكر رضي الله عنه أعلى منازل البشرى، لأن هذا الوصف بعينه، قيل للرسول صلى الله عليه وسلم قطعا في السورة بعدها، سورة الضحى * (وللا خرة خير لك من الا ولى * ولسوف يعطيك ربك فترضى) *، فهو وعد مشترك للصديق وللرسول صلى الله عليه وسلم، إلا أنه في حق الرسول صلى الله عليه وسلم أسند العطاء فيه لله تعالى بصفة الربوبية * (ولسوف يعطيك ربك) * كما ذكر فيه العطاء، مما يدل على غيره صلى الله عليه وسلم، وهو معلوم بالضرورة من أنه صلى الله عليه وسلم له عطاءات لا يشاركه فيها أحد، على ما سيأتي إن شاء الله.