تلك المسميات دلالة على عظم ذاتها وقوة دلالتها على قدرة خالقها، وما سواها مستعدة قابلة لتلقي إلهام الله إياها.
تنبيه وفي مجيئها بعد الآيات الكونية. من شمس وقمر وليل ونهار، وسماء وأرض، لفت إلى وجوب التأمل في تلك المخلوقات، يستلهم منها الدلالة على قدرة خالقها والاستدلال على تغير الأزمان، وحركة الأفلاك، وإحداث السماء بالبناء أنه لا بد لهذا العالم من صانع، ولا بد للمحدث المتجدد من فناء وعدم.
كما عرض إبراهيم عليه السلام على النمروذ نماذج الاستدلال على الربوبية والألوهية، فأشار إلى الشمس أولا، ثم إلى القمر، ثم انتقل به إلى الله سبحانه.
وقوله: * (فألهمها فجورها وتقواها) *، إن كان ألهمها بمعنى هداها وبين لها، فهو كما في قوله: * (وهديناه النجدين) *، وقوله: * (إنا هديناه السبيل) *، وهذا على الهداية العامة، التي بمعنى الدلالة والبيان.
وإن كان بمعنى التيسير والإلزام، ففيه إشكال القدر في الخير الاختيار.
وقد بحث هذا المعنى الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في دفع إيهام الاضطراب بحثا وافيا.
* (قد أفلح من زكاها * وقد خاب من دساها) *.
هذا هو جواب القسم فيما تقدم، فالواو قد حذفت منه اللام لطول ما بين المقسم به والمقسم عليه.
وقد نوه عنه الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه عند الكلام على قوله تعالى: * (إن ذلك لحق تخاصم أهل النار) *، من سورة ص، وأنهم استدلوا لهذه الآية عليه.
والأصل: لقد أفلح، فحذفت اللام لطول الفصل، وزكاها بمعنى طهرها، وأول ما يطهرها منه دنس الشرك ورجسه، كما قال تعالى: * (إنما المشركون نجس) *، وتطهيرها منه بالإيمان ثم من المعاصي بالتقوى، كما في قوله تعالى: * (فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى) *، ثم بعمل الطاعات * (قد أفلح من