وقد أقسم تعالى بالنهار إذا تجلى: أي ظهر ووضح بدون ضمير إلى غيره في قوله تعالى: * (واليل إذا يغشى * والنهار إذا تجلى) *، أي في مقابلة غشاوة الليل يكون بتجلي النهار.
وقد بين تعالى عظم آية النهار وعظم آية الليل، وأنه لا يقدر على الإتيان بهما إلا الله، كما في قوله: * (قل أرأيتم إن جعل الله عليكم اليل سرمدا إلى يوم القيامة من إلاه غير الله يأتيكم بضيآء أفلا تسمعون * قل أرءيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة من إلاه غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون) *.
وقوله: * (واليل إذا يغشاها) *، قالوا: يغشى الشمس فيحجب ضياؤها، والكلام على الليل، كالكلام على النهار، من حيث الآية. والدلالة على قدرته تعالى.
وتقدمت النصوص الكافية وسيأتي الإقسام بالليل في قوله: * (واليل إذا يغشى) *، أي يغشى الكون كله، كما في قوله: * (واليل وما وسق) *، أي جمع واشتمل بظلامه.
والضمير في يغشاها: راجع إلى الشمس، وعليه، قيل: إن الإقسام في هذه الأربعة راجع كله إلى الشمس في حالات مختلفة، في ضحاها ثم تجليها، ثم تلو القمر لها، ثم يغشيان الليل إياها، وهنا سؤال: كيف يغشى الليل الشمس، مع أن الليل وهو الظلمة نتيجة لغروب الشمس عن الجهة التي فيها الليل؟
فقيل: إن الليل يغطي ضوء الشمس، فتتكون الظلمة، والواقع خلاف ذلك. وهو أن الشمس ظاهرة وضوؤها منتشر، ولكن في قسم الأرض المقابل للظلمة الموجودة، كما أن الظلمة تكون في القسم المقابل للنهار، وهكذا.
ولذا قال ابن كثير: إن الضمير في يغشاها وجلاها راجع إلى الأرض، إلا أن فيه مغايرة في مرجع الضمير، والله تعالى أعلم.
وقوله: * (والسمآء وما بناها) *، قيل: ما، بمعنى الذي، وجئ بها بدلا عن من، التي لأولى العلم، لإشعارها معنى الوصفية، أي والسماء والقادر الذي بناها، وكذلك ما بعدها في الأرض، وما طحاها ونفس، والحكيم العليم