أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٤٦١
برخص، فقد يكون لعلة في الوزن أو في السلعة أو مضرة الآخر.
تنبيه آخر بهذه الأسباب وحقائقها وشدة خطرها كان عمر رضي الله عنه يتجول في السوق بنفسه، ويتفقد المكيال والميزان. يخرج من السوق من يجد في مكياله أو ميزانه نقصانا، ويقول: لا تمنع عنا المطر.
وهكذا يجب على ولاة الأمور تفقد ذلك باستمرار، ولا سيما في البلاد التي يقل فيها الوازع الديني وتشتد فيها الأسعار، بما يلجىء الباعة إلى التحايل أو العناد.
وقد منع عمر بائع زبيب أرخص السعر لعلمه أن تاجرا قدم ومعه زبيب بكثرة، فقيل لعمر: لماذا منعت البيع برخص؟ فقال: لأنه يفسد السوق، فيخسر القادم فيمتنع من الجلب إلى المدينة، وهذا قد ربح من قبل.
تنبيه آخر مما ينبغي أن يعلم أن نوع المكيال ومقداره ونوع الميزان ومقداره مرجعه إلى السلطان، كما قال علماء الحسبة: أن على الأمة أن تطيع السلطان في أربع: في نوع المكيال والميزان، ونوع العملة التي يطرحها للتعامل بها، وإعلان الحرب أو قبول الصلح.
فإذا اتخذ الصاع أو المد أو الكيلة أو الويبة أو القدح، أو أي نوع كبيرا كان أو صغيرا، فيجب التقييد به في الأسواق.
وكذلك الوزن اتخذ الدرهم والأوقية والرطل أو الأقة أو اتخذ الجرام والكيلو فكل ذلك له.
أما إذا كان الأمر بين اثنين في قسمة مثلا كقسمة صبرة من حب فتراضوا على أن يقتسموها بإناء كبير للسرعة وكان مضبوطا، لا تختلف به المرات، بأن يكون صلبا ويمكن الكيل به.
أو كذلك الوزن اتفقوا على قطعة حديد معينة، لكل واحد وزنها عدة مرات فلا بأس بذلك، لأن الغرض قسمة المجموع لا مثامنة على الأجزاء.
(٤٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 456 457 458 459 460 461 462 463 464 465 466 ... » »»