أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٤٥٧
وتكلم الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه عند هذه الآية، بما أشرنا إلى أنه عام، فقال: الميزان هنا مراد به العدل والإنصاف، وأن هذا المعنى متضمن آلة الوزن وزيادة.
وأورد بقية الآيات هنا في مبحث مفصل، فذكر آية الرحمان وآية الحديد، وتكلم على الجميع بالتفصيل.
وفي قوله تعالى في سورة الرحمان: * (والسمآء رفعها ووضع الميزان) *، مقابلة عظيمة بين رفع السماء الذي هو حق وعدل وقدرة، والميزان وضعه في الأرض، لتقوموا بالعدل والإنصاف، وبهذا العدل قامت السماوات والأرض.
وفي سورة الحديد اقتران الميزان بإرسال الرسل وإنزال الكتب * (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط) *.
ومعلوم أن الميزان الذي أنزل مع الكتاب هو ميزان الحق والعدل، والنهي عن أكل أموال الناس بغير حق، وعدم بخس الناس أشياءهم.
فكانت هذه الآية أعم وأشمل آيات الوفاء في الكيل والوزن، بمثابة قوله تعالى: * (إن الله يأمركم أن تؤدوا الاحمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل) *.
وقد جمع لفظ الأمانة ليعم به كل ما يمكن أن يؤتمن الإنسان عليه.
وكذلك هنا الميزان مع الكتاب المنزل، وبه يستوفي كل إنسان حقه في أي نوع من أنواع التعامل، فكل من غش في سلعة أو دلس أو زاد في عدد، أو نقص أو زاد في ذرع، أو نقص فهو مطفف للكيل، داخل تحت الوعيد بالويل.
فمن باع ذهبا مثلا على أنه صاف من الغش وزن درهم، وفيه من النحاس عشر الدرهم، فقد نقص وطفف لنفسه فأخذ حق درهم كامل. ذهبا، ونقص حيث أعطى درهما إلا عشر.
ومن باع رطلا سمنا وفيه عشر الرطل شحما، فقد طفف بمقدار هذا العشر لنفسه، ونقص وبخس المشتري بمقدار ذلك:
(٤٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 452 453 454 455 456 457 458 459 460 461 462 ... » »»