أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٤٦٤
وتقدم في سورة البقرة بيان موجب آخر في قوله تعالى: * (زين للذين كفروا الحيواة الدنيا ويسخرون من الذين ءامنوا) *.
وقد بين تعالى في سورة البقرة أن الذين اتقوا فوق هؤلاء يوم القيامة، والله يرزق من يشاء بغير حساب.
وتكلم الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه هناك، وأحال على هذه الآية في البيان لنوع السخرية، وزاد البيان في سورة الأحقاف على قوله تعالى: * (وقال الذين كفروا للذين ءامنوا لو كان خيرا ما سبقونآ إليه) *.
ومن الدافع لهم على هذا القول ونتيجة قولهم، وساق آية المطففين عندها، وكذلك عند أول سورة الواقعة على قوله تعالى: * (خافضة رافعة) *.
ومما تجدر الإشارة إليه، أن هذه الحالة ليست خاصة بهذه الأمة، بل تقدم التنبيه على أنها في غيرها ممن تقدم من الأمم.
ففي قوم نوح: * (ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه) *.
وكان نفس الجواب عليهم: * (قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم) *.
وجاء بما يفيد أكثر من ذلك حتى بالرسل في قوله تعالى: * (ولقد استهزىء برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزءون) *.
ومثلها في سورة الأنبياء بنص الآية المذكورة.
تنبيه إذا كان هذا حال بعض الذين أجرموا مع بعض ضعفة المؤمنين، وكذلك حال بعض الأمم مع رسلها، فإن الداعية إلى الله تعالى يجب عليه ألا يتأثر بسخرية أحد منه، ويعلم أنه على سنن غيره من الدعاة إلى الله تعالى، وأن الله تعالى سينتصر له إما عاجلا وإما آجلا، كما في نهاية كل سياق من هذه الآيات.
(٤٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 459 460 461 462 463 464 465 466 467 468 469 ... » »»