أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٤٥٤
((سورة المطففين)) * (ويل للمطففين * الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون * وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون * ألا يظن أولائك أنهم مبعوثون * ليوم عظيم * يوم يقوم الناس لرب العالمين * كلا إن كتاب الفجار لفى سجين * ومآ أدراك ما سجين * كتاب مرقوم * ويل يومئذ للمكذبين * الذين يكذبون بيوم الدين * وما يكذب به إلا كل معتد أثيم * إذا تتلى عليه ءاياتنا قال أساطير الا ولين * كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون * كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون * ثم إنهم لصالوا الجحيم * ثم يقال هاذا الذى كنتم به تكذبون * كلا إن كتاب الا برار لفى عليين * ومآ أدراك ما عليون * كتاب مرقوم * يشهده المقربون * إن الا برار لفى نعيم * على الا رآئك ينظرون * تعرف فى وجوههم نضرة النعيم * يسقون من رحيق مختوم * ختامه مسك وفى ذلك فليتنافس المتنافسون * ومزاجه من تسنيم * عينا يشرب بها المقربون * إن الذين أجرموا كانوا من الذين ءامنوا يضحكون * وإذا مروا بهم يتغامزون * وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين * وإذا رأوهم قالوا إن هاؤلاء لضآلون * ومآ أرسلوا عليهم حافظين * فاليوم الذين ءامنوا من الكفار يضحكون * على الا رآئك ينظرون * هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون) * قوله تعالى: * (ويل للمطففين) *.
التطفيف: التنقيص من الطفيف، وهو الشيء القليل.
وقد فسره ما بعده في قوله تعالى: * (الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون * وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون) *.
قالوا: نزلت في رجل كان له مكيالان كبير وصغير، إذا اكتال لنفسه على غيره، اكتال بالمكيل الكبير، وإذا كال من عنده لغيره، اكتال بالمكيل الصغير، ففي كلتا الحالتين تطفيف، أي تنقيص على الناس من حقوقهم.
والتقديم في افتتاحية هذه السورة بالويل للمطففين، يشعر بشدة خطر هذا العمل، وهو فعلا خطيرا، لأنه مقياس اقتصاد العالم وميزان التعامل، فإذا اختل أحدث خللا في اقتصاده، وبالتالي اختلال في التعامل، وهو فساد كبير.
وأكبر من هذا كله، وجود الربا إذا بيع جنس بجنسه، وحصل تفاوت في الكيل أو الوزن.
وفيه كما قال تعالى: * (فأذنوا بحرب من الله ورسوله) *.
ولذا فقد ورد ذكر الكيل والوزن، والحث على العناية بهما في عدة مواطن، بعدة أساليب منها الخاص ومنها العام.
فقد ورد في الأنعام والأعراف وهود وبني إسرائيل والرحمان والحديد، أي في ست سور من القرآن الكريم.
أولا في سورة الأنعام، في سياق ما يعرف بالوصايا العشر: * (قل تعالوا أتل ما
(٤٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 449 450 451 452 453 454 455 456 457 458 459 ... » »»