أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٤٥١
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في سورة الأنعام عند الكلام على قوله تعالى: * (ويرسل عليكم حفظة) * مستدلا بقوله تعالى: * (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله) *.
ومما تجدر الإشارة إليه، أن في وصف الحفظة هنا بهذه الصفات، من كونهم حافظين كراما يعلمون، فاجتمعت لهم كل صفات التأهيل، لا على درجات الكناية من حفظ وعلو منزلة، وعلم بما يكتبون.
وكأنه توجيه لما ينبغي لولاة الأمور مراعاته في استكتاب الكتاب والأمناء.
ولذا قالوا: على القاضي أن يتخير كاتبا أمينا حسن الخط فاهما.
ومن هذا الوصف يعلم أنه لا يختلط عليهم عمل يعمل، وكونهم حفظة لا يضيعون شيئا، ولو كان مثقال الذرة * (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره) *. * (إن الا برار لفى نعيم) *. أي دائم، كما في قوله تعالى: * (يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم خالدين فيهآ أبدا) *. * (وما هم عنها بغآئبين) *. دليل من دلة خلود الكفار في النار.
لقوله: * (وإن الفجار لفى جحيم * يصلونها يوم الدين * وما هم عنها بغآئبين) *.
كقوله تعالى: * (وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذالك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار) *.
وهكذا غالبا أسلوب المقابلة بين الفريقين ومهلهما.
ثم بين أن ذلك يوم الدين وهو يوم الجزاء، كما تقدم في سورة الفاتحة * (مالك يوم الدين) *.
ثم بين تعالى شدة الهول في ذلك اليوم * (ومآ أدراك ما يوم الدين) *.
(٤٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 446 447 448 449 450 451 452 453 454 455 456 ... » »»