أحمد.
ثانيها: الندب، لرجحان الفعل على الترك، وهو قول بعض الشافعية، ورواية عن أحمد أيضا.
ثالثها: الإباحة، لأنها المتيقن، ولكن هذا فيما لا قربة فيه، إذ القرب لا توصف بالإباحة.
رابعها: التوقف، لعدم معرفة المراد، وهو قول المعتزلة، وهذا أضعف الأقوال، لأن التوقف ليس فيه تأس.
فتحصل لنا من هذه الأقوال الأربعة أن الصحيح الفعل تأسيا برسول الله صلى الله عليه وسلم وجوبا أو ندبا، ومثلوا لهذا الفعل بخلعه صلى الله عليه وسلم نعله في الصلاة، فخلع الصحابة كلهم نعالهم، فلما انتهى صلى الله عليه وسلم سألهم عن خلعهم نعالهم قالوا: رأيناك فعلت ففعلنا، فقال لهم: (أتاني جبريل وأخبرني أن في نعلي أذى فخلعتها)، فإنه أقرهم على خلعهم تأسيا به. ولم يعب عليهم مع أنهم لم يعلموا الحكم قبل إخباره إياهم. وقد جاء هنا * (ومآ ءاتاكم) * بصيغة العموم.
وقال الشيخ رحمه الله في دفع الإيهام في سورة الأنفال عند قوله تعالى: * (يأيها الذين ءامنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم) *، ما نصه: وهذه الآية تدل بظاهرها على أن الاستجابة للرسول التي هي طاعته لا تجب إلا إذا دعانا لما يحيينا، ونظيرها قوله تعالى: * (ولا يعصينك فى معروف) *.
وقد جاء في آيات أخر ما يدل على وجوب اتباعه مطلقا من غير قيد، كقوله: * (ومآ ءاتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) * وقوله: * (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله) *، * (من يطع الرسول فقد أطاع الله) *.
والظاهر: أن وجه الجمع والله تعالى أعلم: أن آيات الإطلاق مبينة أنه صلى الله عليه وسلم لا يدعونا إلا لما يحيينا من خيري الدنيا والآخرة، فالشرط المذكور في قوله: * (إذا دعاكم) * متوفر في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لمكان عصمته، كما دل عليه قوله تعالى: * (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى) *.
والحاصل: أن آية * (إذا دعاكم لما يحييكم) * مبينة أنه لا طاعة إلا لمن يدعو إلى ما يرضي الله، وأن الآيات الأخر بينت أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يدعو أبدا إلا إلى ذلك، صلوات