وبعدها كانت مغلقة، إلى أن أدخلت في المسجد فسد بابها وبنى عليها حائط آخر.
فكل ذلك صيانة له صلى الله عليه وسلم، أن يتخذ بيته عيدا وقبره وثنا. وإلا فمعلوم أن أهل المدينة كلهم مسلمون، ولا يأتي إلى هناك إلا مسلم وكلهم معظمون للرسول صلى الله عليه وسلم، فما فعلوا ذلك ليستهان بالقبر المكرم بل فعلوه لئلا يتخذ وثنا يعبد. ولا يتخذ بيته عيدا، ولئلا يفعل به كما فعل أهل الكتاب بقبور أنبيائهم. انتهى.
وتقدم شرح ابن القيم لوضع الجدران الثلاثة وجعل طرف الجدار الثالث من الشمال على شكل رأس مثلث، وأن المشاهد اليوم بعد ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله، وجود الشبك الحديدي من وراء ذلك كله، ويبعد عن رأس المثلث إلى الشمال ما يقرب من ستة أمتار يتوسطها، أي تلك المسافة محراب كبير، وهذا كان في المسجد سابقا، أي قبل الشبك. مما يدل على بعد ما بين المصلى في الجهة الشمالية من الحجرة المكرمة وبين القبور الثلاثة، وينفي أي علاقة للصلاة من ورائه بالقبور الشريفة. والحمد لله رب العالمين.
وفي ختام هذه المسألة وقد أثير فيها كلام في موسم حج سنة 4931 في منى ومن بعض المشتغلين بالعلم نقول:
لو أنها لم تدخل بالفعل لكان للقول بعدم إدخالها مجال. أما وقد أدخلت بالفعل وفي عهد عمر بن عبد العزيز وفي القرون المشهود لها بالخير، ومضى على إدخالها ثلاثة عشر قرنا، فلا مجال للقول إذا.
ومن ناحية أخرى، فإن النبي صلى الله عليه وسلم سكت على ما هو أعظم من ذلك، ألا وهو موضوع بناء الكعبة وكونها لم تستوعب قواعد إبراهيم ولها باب واحد ومرتفع عن الأرض.
وكان باستطاعته صلى الله عليه وسلم أن يعيد بناءها على الوجه الأصح، فتستوعب قواعد إبراهيم، ويكون لها بابان ويسويهما بالأرض. ولكنه صلى الله عليه وسلم ترك ذلك لاعتبارات بينها في حديث عائشة رضي الله عنها.
ألا يسع من يتكلم في موضوع الحجرات اليوم ما وسع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكعبة وما وسع السلف رحمهم الله في عين الحجرة.