أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٣٥٨
الدين) * رواه أحمد.
وفي الصحيح عن أنس: سئل عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كنت مدا ثم قرأ * (بسم الله الرحمان الرحيم) * يمد بسم الله ويمد الرحمان، ويمد الرحيم.
تنبيه إن للمد حدودا معلومة في التجويد حسب تلقي القراء رحمهم الله، فما زاد عنها فهو تلاعب، وما قل عنها فهو تقصير في حق التلاوة.
ومن هذا يعلم أن المتخذين القرآن كغيره في طريقة الأداء من تمطيط وتزيد لم يراعوا معنى هذه الآية الكريمة، ولا يمنع ذلك تحسين الصوت بالقراءة، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: (زينوا القرآن بأصواتكم).
وقال أبو موسى رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لو كنت أعلم أنك تسمع قراءتي لحبرته لك تحبيرا. وهذا الوصف هو الذي يتأتى منه الغرض من التلاوة، وهو التدبر والتأمل، كما في قوله تعالى: * (أفلا يتدبرون القرءان) *، كما أنه هو الوصف الذي يتأتى معه الغرض من تخشع القلب كما في قوله تعالى: * (الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله) * ولا تتأثر به القلوب والجلود إلا إذا كان مرتلا، فإذا كان هذا كالشعر أو الكلام العادي لما فهم، وإذا كان مطربا كالأغاني لما أثر. فوجب الترتيل كما بين صلى الله عليه وسلم. قوله تعالى: * (إنا سنلقى عليك قولا ثقيلا) *. معلوم أن القول هنا هو القرآن كما قال تعالى * (إنه لقول رسول كريم) * وقوله: * (ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون) *.
وقوله: * (إنه لقول فصل) * وقوله * (ومن أصدق من الله قيلا) * ونحو ذلك من الآيات.
ولكن وصفه بالثقل مع أن الثقل للأوزان وهي المحسوسات.
فقال بعض المفسرين: إن الثقل في وزن الثواب، وقيل في التكاليف به، وقيل من أثناء نزول الوحي عليه، وكل ذلك ثابت للقرآن الكريم، فمن جهة نزوله فقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أتاه الوحي أخذته
(٣٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 353 354 355 356 357 358 359 360 361 362 363 ... » »»