فكل من سافر إلى قبره المكرم فقد سافر إلى مسجده المفضل.
وكذلك قال بعض أصحاب الشافعي، إلى أن قال: وكذلك كثير من العلماء يطلق السفر إلى قبره المكرم، وعندهم أن هذا يتضمن السفر إلى مسجده، إذ كان كل مسلم لا بد إذا أتى الحجرة المكرمة أن يصلي في مسجده فهما عندهم متلازمان.
وبعد نقله لأقوال العلماء قال ما نصه:
وحقيقة الأمر أن فعل الصلاة في مسجده من لوازم هذا السفر، فكل من سافر إلى قبره المكرم لا بد أن تحصل له طاعة وقربة يثاب عليها بالصلاة في مسجده.
وأما نفس القصد فأهل العلم بالحديث يقصدون السفر إلى مسجده، وإن قصد منهم من قصد السفر إلى القبر أيضا إذا لم يعلم النهي.
وهذا غاية في التصريح منه رحمه الله أنه لا انفكاك من حيث الواقع بين الزيارة والصلاة في المسجد عند عامة العلماء.
ثم قال في حق الجاهل: وأما من لم يعرف هذا فقد لا يقصد إلا السفر إلى القبر، ثم إنه لا بد أن يصلي في مسجده فيثاب على ذلك. وما فعله وهو منهي عنه ولم يعلم أنه منهي عنه لا يعاقب عليه فيحصل له أجر ولا يكون عليه وزر ا ه.
وقد أكثرنا النقول عنه رحمه الله لما وجدنا من ليس في هذا الموضوع على كثير من الناس، حتى قال ابن حجر في فتح الباري فيها: وهذا أعظم ما أخذ على شيخ الإسلام ابن تيمية، فهي وإن كانت شهادة من ابن حجر أنها أشد ما أخذ عليه مع ما رمي به من خصومه في العقائد ومحاربة البدع، إلا أنها بحمد الله بعد هذه النقول عنه من صريح كلام لم يعد فيها ما يتعاظم منه، فعلى كل متكلم في هذه المسألة أن يرجع إلى أقواله رحمه الله فلم يترك جانبا إلا وبينه سواء، في حق العالم أو الجاهل. وبالله تعالى التوفيق.
هذا ما يتعلق بخصوص السفر إلى المدينة المنورة للمسجد وللزيارة معا، على التفصيل المتقدم.
أما بقية الأماكن ما عدا المساجد الثلاثة فلا تشد الرحال إليها للصلاة أو الدعاء أو الاعتكاف ونحو ذلك، مما لا مزية لها في مكان دون آخر قط، أيا كانت تلك البقعة أو