أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٣٥١
أعمالكم وأنتم لا تشعرون) *.
وبين في هذه المسألة ما هو حق لله وما هو حق لرسول الله، ووجوب إفراد الله تعالى بما هو حقه تعالى، وبين فيها آداب السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن وضع اليد على اليد كهيأة الصلاة نوع من أنواع العبادة التي لا تنبغي إلا لله تعالى ا ه.
وأن الجمع هنا بين المفهوم والمنطوق بنفس المفهوم، لما يدل على شدة الاهتمام به والعناية بأمره، وإنه ليلفت النظر إلى ما جاء في الأحاديث الصحيحة من النهي الأكيد والوعيد الشديد بالنسبة لقضية المساجد ودعوة التوحيد، وما كان يفعله الأولون من بناء المساجد على القبور، ويفتحون بذلك بابا مطلا على الشرك. كحديث أم سلمة وأم حبيبة رضي الله عنهما عند البخاري ومسلم في قصتيهما على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما شاهدتاه بالحبشة من هذا القبيل، فقال صلى الله عليه وسلم: (أولئك كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح أو العبد الصالح بنوا على قبره مسجدا أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة).
وكحديث الصحيحين: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)، قالت عائشة: ولولا ذلك لأبرز قبره أي خشية اتخاذه مسجدا).
حديث الموطأ قوله صلى الله عليه وسلم: (اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) فكل ذلك مما يشدد الحذر من الجمع بين القبور والمساجد خشية الفتنة وسدا للذريعة، ويشهد لهذا ما ذكره علماء التفسير رحمهم الله من سبب النزول، أن اليهود والنصارى كانوا إذا دخلوا كنائسهم وبيعهم، أشركوا مع الله غيره، فحذر الله المسلمين أن يفعلوا ذلك.
وهذه المسألة مما تفشت في كثير من البلدان الإسلامية مما يستوجب التنبه لها، وربط هذه الآية بها مع تلك النصوص النبوية الصريحة في شأنها مهما كان المسجد.
وذكر ابن كثير عن ابن عباس أنه قال: لما نزلت هذه الآية لم يكن في الأرض مسجد إلا المسجد الحرام، ومسجد إيليا، بيت المقدس.
تنبيه قد أثير في هذه المسألة تساؤلات من بعض الناس بالنسبة للمسجد النبوي وموضع الحجرة منه بعد إدخالها فيه.
(٣٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 346 347 348 349 350 351 352 353 354 355 356 ... » »»