أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٣٥٢
وقد أجاب عن ذلك ابن حجر في فتح الباري بقوله على حديث عائشة رضي الله عنها، أنه صلى الله عليه وسلم، قال في مرضه الذي مات فيه: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد). قالت: ولولا ذلك لأبرز قبره غير أني أخشى أن يتخذ مسجدا. رواه البخاري في كتاب الجنائز.
وفي بعض رواياته: غير أنه خشي: فقال ابن حجر: وهذا قالته عائشة قبل أن يوسع المسجد النبوي، ولهذا لما وسع المسجد جعلت حجرتها مثلثة الشكل محددة، حتى لا يتأتى لأحد أن يصلي إلى جهة القبر مع استقبال القبلة ا ه.
وذكرت كتب السيرة وتاريخ المسجد النبوي بعض الأخبار في ذلك، من ذلك ما رواه السمهودي في وفاء الوفاء قال: وعن المطلب قال: كانوا يأخذون من تراب القبر فأمرت عائشة بجدار فضرب عليهم، وكان في الجدار كوة فأمرت بالكوة فسدت هي أيضا. ونقل عن ابن شيبة قال أبو غسان بن يحيى بن علي بن عبد الحميد، وكان عالما بأخبار المدينة ومن بيت كتابة وعلم: لم يزل بيت النبي صلى الله عليه وسلم الذي دفن فيه هو وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما ظاهرا حتى بنى عمر بن عبد العزيز عليه الخطار المزور الذي هو عليه اليوم، حين بنى المسجد في خلافة الوليد بن عبد الملك، وإنما جعله مزورا كراهة أن يشبه تربيع الكعبة، وأن يتخذ قبلة يصلى إليه.
قال أبو زيد بن شيبة قال أبو غسان: وقد سمعت غير واحد من أهل العلم يزعم أن عمر بن عبد العزيز بنى البيت غير بنائه الذي كان عليه وسمعت من يقول: بنى علي بيت النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أجدر فدون القبر ثلاثة أجدر، جدار بناء بيت النبي صلى الله عليه وسلم؟ وجدار البيت الذي يزعم أنه بنى عليه يعني عمر بن عبد العزيز، وجدار الخطار الظاهر، وقال: قال أبو غسان فيما حكاه الأقشهدي: أخبرني الثقة عن عبد الرحمان بن مهدي عن منصور بن ربيعة عن عثمان بن عروة، قال: قال عروة: نازلت عمر بن عبد العزيز في قبر النبي صلى الله عليه وسلم، ألا يجعل في المسجد أشد المنازلة فأبى وقال: كتاب أمير المؤمنين لا بد من إنفاذه. قال قلت: فإن كان لا بد فاجعل له جؤجؤا. أي وهو الموضع لنزور خلف الحجرة ا ه.
(٣٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 347 348 349 350 351 352 353 354 355 356 357 ... » »»