أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٢٦٠
* (فأما من أوتى كتابه بيمينه فيقول هآؤم اقرؤا كتابيه * إنى ظننت أنى ملاق حسابيه * فهو فى عيشة راضية * فى جنة عالية * قطوفها دانية * كلوا واشربوا هنيئا بمآ أسلفتم فى الا يام الخالية * وأما من أوتى كتابه بشماله فيقول ياليتنى لم أوت كتابيه * ولم أدر ما حسابيه * ياليتها كانت القاضية * مآ أغنى عنى ماليه * هلك عنى سلطانيه * خذوه فغلوه * ثم الجحيم صلوه * ثم فى سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه * إنه كان لا يؤمن بالله العظيم * ولا يحض على طعام المسكين * فليس له اليوم هاهنا حميم * ولا طعام إلا من غسلين * لا يأكله إلا الخاطئون * فلا أقسم بما تبصرون * وما لا تبصرون * إنه لقول رسول كريم * وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون * ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون * تنزيل من رب العالمين * ولو تقول علينا بعض الا قاويل * لأخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين * فما منكم من أحد عنه حاجزين * وإنه لتذكرة للمتقين * وإنا لنعلم أن منكم مكذبين * وإنه لحسرة على الكافرين * وإنه لحق اليقين * فسبح باسم ربك العظيم) * قوله تعالى: * (فأما من أوتى كتابه بيمينه) *. تقدم للشيخ رحمه الله بيان قضية أخذ الكتب وحقيقتها، عند قوله تعالى: * (ووضع الكتاب) * (الكهف: 94) في سورة الكهف.
وكذلك بحثها في كتابه دفع إيهام الاضطراب، وبيان القسم الثالث من وراء ظهره، وفي هذا التفصيل في حق الكتاب والكتابة وتسجيل الأعمال وإيتائها بنصوص صريحة واضحة، كقوله تعالى: * (ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه) *.
وقولهم صراحة: * (ياويلتنا ما لهاذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها) *.
وقوله: * (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) *.
وقوله: * (اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا) *، فهو كتاب مكتوب ينشر يوم القيامة يقرؤه كل إنسان بنفسه مما يرد قول من يجعل أخذ الكتاب باليمين أو الشمال كناية عن اليمين والشؤم. وهذا في الواقع إنما هو من شؤم التأويل الفاسد وبدون دليل عليه، والمسمى عند الأصوليين باللعب. نسأل الله السلامة والعافية. قوله تعالى: * (إنى ظننت أنى ملاق حسابيه) *. والظن واسطة بين الشك والعلم، وقد يكون بمعنى العلم إذا وجدت القرائن، وتقدم للشيخ بيانه عند قوله تعالى: * (ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها) * أي علموا بقرنية.
قوله: * (ولم يجدوا عنها مصرفا) *، وهو هنا بمعنى العلم، لأن العقائد لا يصلح فيها الظن، ولا بد فيها من العلم والجزم.
وقد دل القرآن على أن الظن قد يكون بمعنى العلم، بمفهوم قوله تعالى: * (إن بعض الظن إثم) *، فمفهومه أن بعضه ليس إثما، فيكون حقا، وكذلك قوله تعالى: * (الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم) *. قوله تعالى: * (مآ أغنى عنى ماليه) *.
(٢٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 ... » »»