أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٢٣١
المفهوم ما جاء به عن قتادة: أن الله جعل النجوم لثلاثة أمور. أمران هنا، وهما زينة السماء الدنيا ورجوما للشياطين. والثالثة علامات واهتداء في البر والبحر، وهذه الأمور الثلاثة تتعلق بالسماء الدنيا. لأن الشياطين لا تنفذ إلى السماوات الأخرى لأنها أجرام محفوظة، كما في حديث الإسراء (لها أبواب وتطرق ولا يدخل منها إلا بإذن).
وكقوله: * (إن الذين كذبوا بأاياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السمآء) *.
وكذلك ليس هناك من يحتاج إلى اهتداء بها في سيره لأن الملائكة كل في وضعه الذي أوجده الله عليه، ولأن الزينة لن ترى لوجود جرم السماء الدنيا، فثبت أن النجوم خاصة بالسماء الدنيا.
وقد أشار تعالى إلى ذلك في قوله تعالى: * (إنا زينا السمآء الدنيا بزينة الكواكب وحفظا من كل شيطان مارد) *.
ومفهوم الدنيا عدم وجودها فيما بعدها، ولا وجود للشيطان في غير السماء الدنيا.
وقوله تعالى: * (وجعلناها رجوما للشياطين) *، وهي الشهب من النار، والشهب النار، كما في قوله: * (أو ءاتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون) *، والرجوم والشهب هي التي ترمي بها الشياطين عند استراق السمع، كما في قوله تعالى: * (فمن يستمع الا ن يجد له شهابا رصدا) *.
وقوله: * (إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب) *.
وهنا سؤال، وهو إذا كان الجن من نار، كما في قوله: * (وخلق الجآن من مارج من نار) *، فكيف تحرقه النار؟
فأجاب عنه الفخر الرازي بقوله: إن النار يكون بعضها أقوى من بعض، فالأقوى يؤثر على الأضعف، ومما يشهد لما ذهب إليه قوله تعالى بعده * (وأعتدنا لهم عذاب السعير) * والسعير: أشد النار.
ومعلوم أن النار طبقات بعضها أشد من بعض، وهذا أمر ملموس، فقد تكون الآلة مصنوعة من حديد وتسلط عليها آلة من حديد أيضا، أقوى منها فتكسرها.
(٢٣١)
مفاتيح البحث: الشهادة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 ... » »»