أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ١٨٢
في الجمعة من غير يوم العيد، بل كانوا ينزلون من أطراف المدينة كما هو معلوم، والعلم عند الله تعالى. العدد في الجمعة والواقع أن مسألة العدد في الجمعة قد كثر الخلاف فيها. فمن قائل: تصح بواحد مع الإمام. وعزاه ابن رشد للطبري، ومن قائل باثنين مع الإمام وعزاه القرطبي للحسن، ومن قائل بثلاثة مع الإمام وعزى لأبي حنيفة، ومن قائل باثني عشر رجلا، وعزاه القرطبي لربيعة، ومن قائل بثلاثين، ومن قائل بأربعين، وهو قول الشافعي وأحمد. ومن قائل بكل عدد يتأتى في قرية مستوطنة، وألا يكونوا ثلاثة ونحوها، وهو قول مالك. قال في متن خليل: وبجماعة تتقرى بهم قرية بلا حد.
وقال في الشرح: أي جماعة يمكنهم الدفع عن أنفسهم في الأمور الكثيرة لا النادرة، وذلك يختلف بحسب الجهات إلى أن قال: وأفهم كلام المؤلف أن الاثني عشر لا تتقرى بهم قرية. فقوله: بلا حد أي بعد الاثني عشر ا ه.
والواقع أن كل هذه الأقوال ليس عليها مستند يعول عليه في العدد. بحيث لو نقص واحد بطلت، ولكن الذي يشهد له الشرع من السماحة واليسر، هو ما قاله مالك رحمه الله، وما قدمنا من أن السياق يدل على وجود جماعة لها سوق، ويتأتى منها الانتشار في الأرض بعد انقضاء الصلاة. ولم نطل الكلام في هذه المسألة لعدم وجود نص صريح فيها، وكل ما يستدل به فهو حكاية حال تحتمل الزيادة والنقص ولا يعمل بمفاهيمها. والعلم عند الله تعالى. قوله تعالى: * (فإذا قضيت الصلواة فانتشروا فى الا رض) *. تقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه التنبيه على ما فيها من مبحث أصولي، وهو الأمر بعد الخطر وأصح ما فيه أنه يرد الأمر المحظور إلى ما كان عليه قبل ورود الخطر عليه.
مسألة وقت السعي إلى الجمعة ظاهر قوله تعالى: * (إذا نودى للصلواة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع) * أن السعي يكون بعد النداء، وعند ترك البيع، ومفهومه
(١٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 ... » »»