أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ١٤٥
وقد اتخذ عثمان رضي الله عنه أربعة للحاجة عند كثرة الناس.
قال أصحابنا: وإذا ترتب للأذان اثنان فصاعدا، فالمستحب ألا يؤذنوا دفعة واحدة، بل إن اتسع الوقت ترتبوا فيه، فإن تنازعوا في الابتداء أقرع بينهم، وإن ضاق الوقت، فإن كان المسجد كبيرا أذنوا متفرقين في أقطاره، وإن كان ضيقا وقفوا معا وأذنوا، وهذا إذا لم يؤد اختلاف الأصوات إلى تشويش، فإن أدى إلى ذلك لم يؤذن إلا واحد ا ه. فهذا نص النووي على قول أصحابه أي الشافعية في المسألة ساقه في شرح مسلم، وقال في المجموع شرح المهذب على نص المتن إذ قال: المآمن: والمستحب أن يكون المؤذن للجماعة اثنين. وذكر حديث بلال وابن أم مكتوم، فإن احتاج إلى الزيادة جعلهم أربعة، لأنه كان لعثمان أربعة، والمستحب أن يؤذن واحد بعد واحد، لأن ذلك أبلغ في الإعلام.
قال النووي في الشرح: قال أبو علي الطبري: تجوز الزيادة إلى أربعة، ثم ناقش المسألة مع من خالفه في العدد: ثم قال: العبرة بالمصلحة، فكما زاد عثمان إلى أربعة للمصلحة جاز لغيره الزيادة.
وذكر عن صاحب الحاوي إلى ثمانية، ثم قال: فرع. وساق فيه ما نصه:
فإن كان للمسجد مؤذنان أذن واحد بعد واحد، كما كان بلال وابن أم مكتوم، فإن تنازعوا في الابتداء أقرع بينهم، فإن ضاق الوقت والمسجد كبير أذنوا في أقطاره كل واحد في قطر ليسمع أهل تلك الناحية، وإن كان صغيرا أذنوا معا وإذا لم يؤد إلى تهويش.
قال صاحب الحاوي وغيره: ويقفون جميعا عليه كلمة كلمة فإن أدى إلى تهويش أذن واحد. إلخ.
وفي صحيح البخاري، باب من قال: ليؤذن في السفر مؤذن واحد، وساق بسنده عن مالك بن الحويرث (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في نفر من قومي، فأقمنا عنده عشرين ليلة وكان رحيما ورفيقا، فلما رأى شوقنا إلى أهالينا. قال: ارجعوا فكونوا فيهم وعلموهم وصلوا إذا حضرت الصلاة، فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم).
قال في الفتح أثناء الشرح: وعلى هذا فلا مفهوم لقوله: مؤذن واحد في السفر: لأن
(١٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 ... » »»