كونهن أترابا فقد بينه تعالى في قوله في آية ص هذه، * (وعندهم قاصرات الطرف أتراب) *، وفي سورة النبأ في قوله تعالى: * (إن للمتقين مفازا حدآئق وأعنابا وكواعب أترابا) *.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: * (لاصحاب اليمين) * يتعلق بقوله: * (إنآ أنشأناهن) *، وقوله * (فجعلناهن) * أي: أنشأناهن وصيرناهن أبكارا لأصحاب اليمين. قوله تعالى: * (وأصحاب الشمال مآ أصحاب الشمال فى سموم وحميم وظل من يحموم) *. قد قدمنا معنى أصحاب الشمال في هذه السورة الكريمة، وأوضحنا معنى السموم في الآيات القرآنية التي يذكر فيها في سورة الطور، في الكلام على قوله تعالى * (فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم) *.
وقد قدمنا صفات ظل أهل النار وظل أهل الجنة في سورة النساء في الكلام على قوله تعالى * (وندخلهم ظلا ظليلا) * وبينا هناك أن صفات ظل أهل النار هي المذكورة في قوله هنا * (وظل من يحموم لا بارد ولا كريم) * وقوله في المرسلات * (انطلقوا إلى ظل ذى ثلاث شعب لا ظليل ولا يغنى من اللهب) *.
وقوله: * (من يحموم) * أي من دخان أسود شديد السواد ووزن اليحموم يفعول، وأصله من الحمم وهو الفحم، وقيل: من الحم، وهو الشحم المسود لاحتراقه بالنار. قوله تعالى: * (إنهم كانوا قبل ذلك مترفين وكانوا يصرون على الحنث العظيم) *. قد قدمنا الكلام عليه في سورة الطور في الكلام على قوله تعالى: * (قالوا إنا كنا قبل فى أهلنا مشفقين فمن الله علينا) *. قوله تعالى: * (وكانوا يقولون أءذا متنا وكنا ترابا وعظاما أءنا لمبعوثون) *. لما ذكر جل وعلا ما أعد لأصحاب الشمال من العذاب، بين بعض أسبابه، فذكر منها أنهم كانوا قبل ذلك في دار الدنيا مترفين أي متنعمين، وقد قدمنا أن القرآن دل على أن الإتراف والتنعم والسرور في الدنيا من أسباب العذاب يوم القيامة، لأن صاحبه معرض عن الله لا يؤمن به ولا برسله، كما دلت عليه هذه الآية الكريمة، وقوله تعالى: