أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ٤٩٦
أوحى إلى محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير) *، وقوله تعالى: * (قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن) *. وقوله تعالى * (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم) *.
وفي هذه المسألة قولان آخران.
أحدهما: أن الأصل فيما على الأرض التحريم حتى يدل دليل على الإباحة، واحتجوا لهذا بأن جميع الأشياء مملوكة لله جل وعلا، والأصل في ملك الغير منع التصرف فيه إلا بإذنه، وفي هذا مناقشات معروفة في الأصول، ليس هذا محل بسطها.
القول الثاني: هو الوقف وعدم الحكم فيها بمنع ولا إباحة حتى يقوم الدليل، فتحصل أن في المسألة ثلاثة مذاهب: المنع، والإباحة، والوقف.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: الذي يظهر لي صوابه في هذه المسألة هو التفصيل، لأن الأعيان التي خلقها الله في الأرض للناس بها ثلاث حالات:
الأولى: أن يكون فيها نفع لا يشوبه ضرر كأنواع الفواكه وغيرها.
الثانية: أن يكون فيها ضرر لا يشوبه نفع كأكل الأعشاب السامة القاتلة.
الثالثة: أن يكون فيها نفع من جهة وضرر من جهة أخرى، فإن كان فيها نفع لا يشوبه ضرر، فالتحقيق حملها على الإباحة حتى يقوم دليل على خلاف ذلك لعموم قوله: * (هو الذى خلق لكم ما فى الا رض جميعا) *. وقوله * (والا رض وضعها للا نام) *.
وإن كان فيها ضرر لا يشوبه نفع فهي على التحريم لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار).
وإن كان فيها نفع من جهة وضرر من جهة أخرى فلها ثلاث حالات:
الأولى: أن يكون النفع أرجح من الضرر.
والثانية: عكس هذا.
والثالثة: أن يتساوى الأمران.
فإن كان الضرر أرجح من النفع أو مساويا له فالمنع لحديث (لا ضرر ولا
(٤٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 491 492 493 494 495 496 497 498 499 500 501 ... » »»