معين لا يصدعون عنها ولا ينزفون) *: وقوله * (لا يصدعون) * أي لا يصيبهم الصداع الذي هو وجع الرأس بسببها.
وقد أوضحنا معنى هذه الآيات في صفة خمر الآخرة، وبينا أنها مخالفة في جميع الصفات لخمر الدنيا. وذكرنا الشواهد العربية في ذلك في سورة المائدة في الكلام على قوله تعالى * (يأيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر) *: قوله تعالى: * (ويطوف عليهم غلمان لهم كأنهم لؤلؤ مكنون) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن أهل الجنة يطوف عليهم غلمان جمع غلام، أي خدم لهم، وقد قدمنا إطلاقات الغلام وشواهدها العربية في سورة الحجر في الكلام على قوله تعالى * (قالوا لا توجل إنا نبشرك بغلام عليم) *.
ولم يبين هنا ما يطوفون عليهم به، وذكر هنا حسنهم بقوله * (كأنهم لؤلؤ مكنون) * في أصدافه، لأن ذلك أبلغ في صفائه وحسنه، وقيل: مكنون أي مخزون لنفاسته، لأن النفيس هو الذي يحزن ويكن.
وبين تعالى في الواقعة بعض ما يطوفون عليهم به في قوله * (يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وأباريق وكأس من معين) *. وزاد في هذه الآية كونهم مخلدين، وذكر بعض ما يطاف عليهم به في قوله: * (يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب) *، وقوله تعالى: * (ويطاف عليهم بأانية من فضة وأكواب كانت قواريرا قواريرا من فضة قدروها تقديرا) *.
والظاهر أن الفاعل المحذوف في قوله: * (ويطاف عليهم) * في آية الزخرف والإنسان المذكورتين هو الغلمان المذكورون في الطور والواقعة، وذكر بعض صفات هؤلاء الغلمان في الإنسان في قوله تعالى: * (ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا) *.
* (قالوا إنا كنا قبل فى أهلنا مشفقين * فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم * إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم * فذكر فمآ أنت بنعمة ربك بكاهن ولا مجنون * أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون * قل تربصوا فإنى معكم من المتربصين * أم تأمرهم أحلامهم بهاذآ أم هم قوم طاغون * أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون * فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين * أم خلقوا من غير شىء أم هم الخالقون * أم خلقوا السماوات والا رض بل لا يوقنون * أم عندهم خزآئن ربك أم هم المسيطرون * أم لهم سلم يستمعون فيه فليأت مستمعهم بسلطان مبين * أم له البنات ولكم البنون * أم تسألهم أجرا فهم من مغرم مثقلون * أم عندهم الغيب فهم يكتبون * أم يريدون كيدا فالذين كفروا هم المكيدون * أم لهم إلاه غير الله سبحان الله عما يشركون * وإن يروا كسفا من السمآء ساقطا يقولوا سحاب مركوم * فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذى فيه يصعقون * يوم لا يغنى عنهم كيدهم شيئا ولا هم ينصرون * وإن للذين ظلموا عذابا دون ذلك ولاكن أكثرهم لا يعلمون * واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا وسبح بحمد ربك حين تقوم * ومن اليل فسبحه وإدبار النجوم) * قوله تعالى: * (قالوا إنا كنا قبل فى أهلنا مشفقين فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة، أن أهل الجنة يسأل بعضهم بعضا، وأن