الأخير منهما، وهو كونهم يقال لهم * (هاذه النار التى كنتم بها تكذبون) *، وقد ذكره تعالى في آيات من كتابه كقوله في السجدة * (كلمآ أرادوا أن يخرجوا منهآ أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون) *: وقوله في سبأ * (فاليوم لا يملك بعضكم لبعض نفعا ولا ضرا ونقول للذين ظلموا ذوقوا عذاب النار التى كنتم بها تكذبون) * وقوله تعالى في المرسلات: * (انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون انطلقوا إلى ظل ذى ثلاث شعب لا ظليل ولا يغنى من اللهب إنها ترمى بشرر كالقصر) *، إلى غير ذلك من الآيات.
وأما الأول منهما وهو كونهم يدفعون إلى النار بقوة فقد ذكره الله جل وعلا في آيات من كتابه كقوله تعالى: * (خذوه فاعتلوه إلى سوآء الجحيم) * أي جروه بقوة وعنف إلى وسط النار. والعتل في لغة العرب: الجر بعنف وقوة، ومنه قول الفرزدق: الجر بعنف وقوة، ومنه قول الفرزدق:
* ليس الكرام بناحليك أباهم * حتى ترد إلى عطية تعتل * وقوله تعالى: * (يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصى والا قدام) * أي تجمع الزبانية بين ناصية الواحد منهم، أي مقدم شعر رأسه وقدمه، ثم تدفعه في النار بقوة وشدة.
وقد بين جل وعلا أنهم أيضا يسحبون في النار على وجوههم في آيات من كتابه كقوله تعالى: * (يوم يسحبون فى النار على وجوههم ذوقوا مس سقر) *، وقوله تعالى: * (الذين كذبوا بالكتاب وبمآ أرسلنا به رسلنا فسوف يعلمون إذ الا غلال فى أعناقهم والسلاسل يسحبون فى الحميم ثم فى النار يسجرون) *.
وقوله: في هذه الآية الكريمة: يوم يدعون، بدل من قوله: يومئذ، في قوله تعالى قبله * (فويل يومئذ للمكذبين) *. قوله تعالى: * (اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سوآء عليكم إنما تجزون ما كنتم تعملون) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن الكفار معذبون في النار لا محالة، سواء صبروا أو لم يصبروا، فلا ينفعهم في ذلك صبر ولا جزع، وقد أوضح هذا المعنى في قوله: * (قالوا لو هدانا الله لهديناكم سوآء علينآ أجزعنآ أم صبرنا ما لنا من محيص) *.