أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ٢٥٦
وهذا إنما وقع لهم من شدة الخوف من بأس الكفار المأمور بقتالهم.
وقد صرح جل وعلا بأن ذلك من الخوف المذكور في قوله: * (فإذا جآء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذى يغشى عليه من الموت) *.
وقد بين تعالى، أن الأغنياء من هؤلاء المنافقين، إذا أنزل الله سورة، فيها الأمر بالجهاد، استأذنوا النبي صلى الله عليه وسلم في التخلف عن الجهاد، وذمهم الله على ذلك، وذلك في قوله تعالى: * (وإذآ أنزلت سورة أن ءامنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استأذنك أولوا الطول منهم وقالوا ذرنا نكن مع القاعدين رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون) *. قوله تعالى: * (أفلا يتدبرون القرءان أم على قلوب أقفالهآ) *. الهمزة في قوله: أفلا يتدبرون للإنكار، والفاء عاطفة على جملة محذوفة، على أصح القولين، والتقدير أيعرضون عن كتاب الله فلا يتدبرون القرآن كما أشار له في الخلاصة بقوله: * وحذف متبوع بدا هنا استبح وقوله تعالى: * (أم على قلوب أقفالهآ) * فيه منقطعة بمعنى بل، فقد أنكر تعالى عليهم إعراضهم عن تدبر القرآن، بأداة الإنكار التي هي الهمزة، وبين أن قلوبهم عليها أقفال لا تنفتح لخير، ولا لفهم قرآن.
وما تضمنته هذه الآية الكريمة من التوبيخ والإنكار على من أعرض عن تدبر كتاب الله، جاء موضحا في آيات كثيرة، كقوله تعالى * (أفلا يتدبرون القرءان ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) *، وقوله تعالى * (أفلم يدبروا القول أم جآءهم ما لم يأت ءابآءهم الا ولين) *، وقوله تعالى * (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا ءاياته وليتذكر أولو الا لباب) *.
وقد ذم جل وعلا المعرض عن هذا القرآن العظيم في آيات كثيرة كقوله تعالى: * (ومن أظلم ممن ذكر بأايات ربه فأعرض عنها) *. وقوله تعالى: * (ومن أظلم ممن ذكر بأايات ربه ثم أعرض عنهآ) *.
(٢٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 ... » »»