فإن قوله * (ومهلهم قليلا) *، وقوله: * (فمهل الكافرين أمهلهم رويدا) * موضح لمعنى قوله * (ولا تستعجل لهم) *.
والمراد بالآيات، نهيه صلى الله عليه وسلم عن طلب تعجيل العذاب لهم، لأنهم معذبون، لا محالة عند انتهاء المدة المحدودة للإمهال، كما يوضحه قوله تعالى * (فلا تعجل عليهم إنما نعد لهم عدا) *. وقوله تعالى * (نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ) * وقوله تعالى * (قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار) *. وقوله تعالى: * (لا يغرنك تقلب الذين كفروا فى البلاد متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد) * وقوله تعالى: * (قل إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون * متاع فى الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون) * إلى غير ذلك من الآيات. قوله تعالى: * (كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار) *. قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة يونس في الكلام على قوله تعالى * (ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم) * وفي سورة قد أفلح المؤمنون في الكلام على قوله تعالى: * (قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فاسأل العآدين) *.
وبينا في الكلام على آية قد أفلح المؤمنون وجه إزالة إشكال معروف في الآيات المذكورة. قوله تعالى: * (بلاغ) *. التحقيق إن شاء الله أن أصوب القولين في قوله: * (بلاغ) * أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره، هذا بلاغ، أي هذا القرآن بلاغ من الله إلى خلقه.
ويدل لهذا قوله تعالى في سورة إبراهيم * (هاذا بلاغ للناس ولينذروا به) *، وقوله في الأنبياء * (إن فى هاذا لبلاغا لقوم عابدين) *، وخير ما يفسر به القرآن القرآن.
والبلاغ اسم مصدر، بمعنى التبليغ، وقد علم باستقراء اللغة العربية، أن الفعال يأتي