أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ١٩٠
* وخففت كأن أيضا فنوى * منصوبها وثابتا أيضا روى * وقد قدمنا في أول سورة الكهف: أن البشارة تطلق غالبا على الإخبار بما يسر، وأنها ربما أطلقت في القرآن وفي كلام العرب على الإخبار بما يسوء أيضا.
وأوضحنا ذلك بشواهده العربية، وقوله في هذه الآية الكريمة: * (ويل لكل أفاك أثيم) *.
قال بعض العلماء: * (ويل) * واد في جهنم.
والأظهر أن لفظة * (ويل) * كلمة عذاب وهلاك، وأنها مصدر لا لفظ له من فعله، وأن المسوغ للابتداء بها مع أنها نكرة كونها في معرض الدعاء عليهم بالهلاك.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: * (فبأى حديث بعد الله وءاياته يؤمنون) *.
قرأه نافع، وابن كثير، وأبو عمرو وحفص، عن عاصم: يؤمنون بياء الغيبة.
وقرأه ابن عامر، وحمزة، والكسائي، وشعبة عن عاصم تؤمنون بتاء الخطاب.
وقرأه ورش عن نافع والسوسي عن أبي عمرو يؤمنون بإبدال الهمزة واوا وصلا ووقفا.
وقرأه حمزة بإبدال الهمزة واوا في الوقف دون الوصل.
والباقون بتحقيق الهمزة مطلقا.
* (وإذا علم من ءاياتنا شيئا اتخذها هزوا أولائك لهم عذاب مهين * من ورآئهم جهنم ولا يغنى عنهم ما كسبوا شيئا ولا ما اتخذوا من دون الله أوليآء ولهم عذاب عظيم * هاذا هدى والذين كفروا بأايات ربهم لهم عذاب من رجز أليم * الله الذى سخر لكم البحر لتجرى الفلك فيه بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون * وسخر لكم ما فى السماوات وما فى الا رض جميعا منه إن فى ذلك لايات لقوم يتفكرون * قل للذين ءامنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ليجزى قوما بما كانوا يكسبون * من عمل صالحا فلنفسه ومن أسآء فعليها ثم إلى ربكم ترجعون * ولقد ءاتينا بنى إسراءيل الكتاب والحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين * وءاتيناهم بينات من الا مر فما اختلفوا إلا من بعد ما جآءهم العلم بغيا بينهم إن ربك يقضى بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون) * قوله تعالى: * (وإذا علم من ءاياتنا شيئا اتخذها هزوا أولائك لهم عذاب مهين) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة توعد الأفاك الأثيم بالويل، والبشارة بالعذاب الأليم.
وقد قدمنا قريبا أن من صفاته، أنه إذا سمع آيات الله تتلى عليه أصر مستكبرا كأن لم يسمعها، وذكر في هذه الآية الكريمة أنه إذا علم من آيات الله شيئا اتخذها هزوا أي مهزوءا بها، مستخفا بها، ثم توعده على ذلك بالعذاب المهين.
وما تضمنته هذه الآية الكريمة من أن الكفار يتخذون آيات الله هزوا، وأنهم سيعذبون على ذلك يوم القيامة، قد بينه تعالى في غير هذا الموضع كقوله تعالى في آخر
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»