أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ١٨٥
تقويم) * إلى قوله * (فما يكذبك بعد بالدين) * يعني أي شيء يحملك على التكذيب بالدين أي بالبعث والجزاء، وقد علمت أني خلقتك الخلق الأول في أحسن تقويم، وأنت تعلم أنه لا يخفى على عاقل أن من ابتدع الإيجاد الأول لا شك في قدرته، على إعادته مرة أخرى إلى غير ذلك من الآيات.
وأما البرهان الثالث منها: وهو إحياء الأرض بعد موتها المذكور في قوله تعالى في سورة الجاثية هذه: * (ومآ أنزل الله من السمآء من رزق فأحيا به الا رض بعد موتها) *، فإنه يكثر الاستدلال به أيضا على البعث في القرآن العظيم، لأن من أحيا الأرض بعد موتها قادر على أحياء الناس بعد موتهم، لأن الجميع أحياء بعد موت.
فمن الآيات الدالة على ذلك قوله تعالى: * (ومن ءاياته أنك ترى الا رض خاشعة فإذآ أنزلنا عليها المآء اهتزت وربت إن الذى أحياها لمحى الموتى إنه على كل شىء قدير) * وقوله تعالى: * (وترى الا رض هامدة فإذآ أنزلنا عليها المآء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج ذالك بأن الله هو الحق وأنه يحى الموتى وأنه على كل شىء قدير وأن الساعة ءاتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من فى القبور) * وقوله تعالى: * (فانظر إلىءاثار رحمة الله كيف يحى الا رض بعد موتهآ إن ذلك لمحى الموتى وهو على كل شىء قدير) * وقوله تعالى * (وهو الذى يرسل الرياح بشرى بين يدى رحمته حتى إذآ أقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت فأنزلنا به المآء فأخرجنا به من كل الثمرات كذالك نخرج الموتى لعلكم تذكرون) *.
فقوله تعالى: * (كذالك نخرج الموتى) * أي نبعثهم من قبورهم أحياء كما أخرجنا تلك الثمرات بعد عدمها، وأحيينا بإخراجها ذلك البلد الميت، وقوله تعالى: * (يخرج الحى من الميت ويخرج الميت من الحى ويحى الا رض بعد موتها وكذلك تخرجون) * يعني تخرجون من قبوركم أحياء بعد الموت. وقوله تعالى: * (وأحيينا به بلدة ميتا كذالك الخروج) * إلى غير ذلك من الآيات. قوله تعالى: * (تلك ءايات الله نتلوها عليك بالحق) *. أشار جل وعلا لنبيه صلى الله عليه وسلم إلى آيات هذا القرآن العظيم، وبين لنبيه أنه يتلوها عليه، متلبسة بالحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه.
(١٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»