أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ١٩٢
* (وكان ورآءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا) * أي أمامهم ملك.
وذكرنا هناك الشواهد العربية على إطلاق وراء بمعنى أمام، وبينا أن هذا هو التحقيق في معنى الآية وكذلك آية الجاثية هذه، فقوله تعالى * (من ورآئهم جهنم) * أي أمامهم جهنم يصلونها يوم القيامة.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة * (ولا يغنى عنهم ما كسبوا شيئا ولا ما اتخذوا من دون الله أوليآء) *.
أوضح فيه أن ما كسبه الكفار في دار الدنيا من الأموال والأولاد لا يغني عنهم شيئا يوم القيامة أي لا ينفعهم بشيء فلا يجلب لهم بسببه نفع ولا يدفع عنهم بسببه ضر، وإنما اتخذوه من الأولياء في دار الدنيا من دون الله، كالمعبودات التي كانوا يعبدونها، ويزعمون أنها شركاء لله لا ينفعهم يوم القيامة أيضا بشيء.
وهاتان المسألتان اللتان تضمنتهما هذه الآية الكريمة، قد أوضحهما الله في آيات كثيرة من كتابه.
أما الأولى منهما: وهي كونهم لا يغني عنهم ما كسبوا شيئا فقد أوضحها في آيات كثيرة كقوله تعالى: * (تبت يدآ أبى لهب وتب مآ أغنى عنه ماله وما كسب) * وقوله تعالى: * (وما يغنى عنه ماله إذا تردى) * وقوله تعالى: * (الذى جمع مالا وعدده يحسب أن ماله أخلده كلا لينبذن فى الحطمة) *. وقوله تعالى: * (قد قالها الذين من قبلهم فمآ أغنى عنهم ما كانوا يكسبون) *. وقوله تعالى: * (ياليتها كانت القاضية مآ أغنى عنى ماليه) *. وقوله تعالى: * (قالوا مآ أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون) *. وقوله تعالى عن إبراهيم: * (ولا تخزنى يوم يبعثون يوم لا ينفع مال ولا بنون) *. وقوله تعالى: * (ومآ أموالكم ولا أولادكم بالتى تقربكم عندنا زلفى) *. وقوله تعالى: * (إن الذين كفروا لن تغنى عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولائك هم وقود النار) *. وقوله تعالى: * (إن الذين كفروا لن تغنى عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولائك أصحاب النار هم فيها خالدون) *. وقوله تعالى في المجادلة * (اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله فلهم عذاب
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»