وإنما اخترنا أن * (ءان) * هي النافية لا الشرطية، وقلنا إن المصير إلى ذلك متعين في نظرنا لأربعة أمور:
الأول: إن هذا القول جار على الأسلوب العربي، جريانا واضحا، لا إشكال فيه، فكون إن كان بمعنى ما كان كثير في القرآن، وفي كلام العرب كقوله تعالى: * (إن كانت إلا صيحة واحدة) * أي ما كانت إلا صيحة واحدة.
فقولك مثلا معنى الآية الكريمة: ما كان لله ولد فأنا أول العابدين، الخاضعين للعظيم الأعظم، المنزه عن الولد أو الآنفين المستنكفين، من أن يوصف ربنا بما لا يليق بكماله وجلاله، من نسبة الولد إليه، أو الجاحدين النافين، أن يكون لربنا ولد، سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا لا إشكال فيه، لأنه جار على اللغة العربية، التي نزل بها القرآن، دال على تنزيه الله، تنزيها تاما عن الولد، من غير إيهام البتة لخلاف ذلك.
الأمر الثاني: أن تنزيه الله عن الولد، بالعبارات التي لا إيهام فيها، هو الذي جاءت به الآيات الكثيرة، في القرآن كما قدمنا إيضاحه، في سورة الكهف في الكلام على قوله تعالى: * (وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا) *. وفي سورة مريم في الكلام على قوله تعالى: * (وقالوا اتخذ الرحمان ولدا لقد جئتم شيئا إدا) * والآيات الكثيرة التي ذكرناها في ذلك تبين أن (إن) نافية.
فالنفي الصريح الذي لا نزاع فيه يبين أن المراد في محل النزاع النفي الصريح.
وخير ما يفسر به القرآن القرآن فكون المعبر في الآية: وما كان للرحمن ولد بصيغة النفي الصريح مطابق لقوله تعالى في سورة بني إسرائيل * (وقل الحمد لله الذى لم يتخذ ولدا) *. وقوله تعالى في أول الفرقان * (ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك فى الملك) *. وقوله تعالى: * (ما اتخذ الله من ولد) *. وقوله تعالى: * (لم يلد ولم يولد) * وقوله تعالى * (ألا إنهم من إفكهم ليقولون ولد الله وإنهم لكاذبون) * إلى غير ذلك من الآيات.
وأما على القول بأن إن شرطية وأن قوله تعالى: * (فأنا أول العابدين) * جزاء